إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في العيد الأول للثورة السودانية        

          وكان الأعداء يعتقدون انهم بهذا سيجبروننا على أن نستسلم. ولكننا في معركتنا من أجل الصمود قررنا أن نهجر أهالي منطقة القناة. وهجرنا من منطقة القناة نصف مليون، 500 ألف مواطن إلى داخل البلاد، حتى لا نبقى تحت رحمة تبادل المدفعية الإسرائيلية، وحتى لا نعرض الأرواح للخطر. وسرنا في هذا حتى أعلنا في مايو الماضي أن قواتنا الذاتية، قواتنا المسلحة تستطيع أن تقابل العدوان بالعدوان. وإننا لا يمكن أن نقبل بقرار وقف إطلاق النار إلى ما لا نهاية. وأعلنا أن بعد مرور عامين من قرار وقف إطلاق النار، ورفض إسرائيل لتنفيذ أي قرار آخر غير التمسك بالخطوط التي تسميها بخطوط وقف إطلاق النار. أعلنا حرب الاستنزاف وقلنا فلنبدأ مرحلة جديدة في حرب الاستنزاف. ونحن على ثقة من أننا سنصمد في حرب الاستنزاف، وبأننا سنسير في حرب الاستنزاف، وإننا سنكبد إسرائيل من الخسائر الكثير، وإننا سننتقل بعد هذا من حرب الاستنزاف إلى حرب التحرير. سارت قواتنا المسلحة وظهر التحول في الميدان، وظهرت نوعية جديدة رآها إخوانكم من القوات المسلحة السودانية حينما ذهبوا إلى الجبهة، جبهة قناة السويس، والتقوا مع اخوتهم من الجنود في خط النار وفي خط القتال. سارت القوات المسلحة وهي تجمع كل أبناء الوطن الآن ليست قاصرة على أبناء الفلاحين، ولكنها تجمع أبناء الفلاحين وأبناء العمال وأبناء المثقفين وخريجي الجامعات وخريجي الثانوية العامة وشباب الأمة في مصر تحت السلاح، وانضموا إلى القوات المسلحة.

          وسرنا- أيها الأخوة- في العمل من أجل معركة التحرير، لأننا كنا على ثقة أن إسرائيل تعمل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية ولم نكن نحارب إسرائيل وحدها، ولكننا كنا نحارب الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في إسرائيل بكل معداتها الفنية، وبكل معداتها الإلكترونية. في يوم 5 يونيه سنة 1967 حينما اعتدت إسرائيل علينا اكتشفنا أن أمريكا قد زودتها بكل المعدات الإلكترونية السرية التي تستطيع أن تؤثر على معداتنا. وأعطتها هذه المعدات كما أعطتها أنواعاً أخرى كثيرة من الأسلحة، وفرضنا أننا لسنا في معركة محدودة مع إسرائيل.

          في سنة 1956 حينما واجهنا العدوان البريطاني الفرنسي الإسرائيلي وكلنا نعلم أن بن جوريون رئيس الوزراء في هذا الوقت رفض أن يشترك في هذه المؤامرة إلا إذا أعطته فرنسا غطاءً جوياً فرنسياً، وإلا إذا أعطته فرنسا قطعاً بحرية فرنسية لتدافع عن السواحل الإسرائيلية. وعلى هذا الأساس أعطته فرنسا فعلاً- كل هذه الآن حقائق وكتب عنها الكثير من الكتب- أعطته فرنسا غطاءً جوياً من الطائرات الفرنسية، ووضعت على هذه الطائرات الفرنسية علامة إسرائيل، وأعطته أيضاً قوات بحرية. وبعد هذا قبل بن جورين أن يدخل معهم في المؤامرة التي نتج عنها العدوان الثلاثي.

          ولكن العالم لم يقبل في هذا الوقت العدوان الثلاثي، وعلى هذا الأساس تغيرت الوسائل وتغيرت الطريقة، بدل أن يكون العدوان بدولة من الدول الكبرى. بدل أن يكون العدوان بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، اتخذت من إسرائيل مخلب قط لها، وأعطتها المساعدات المالية، وأعطتها الأسلحة، ومكنتها

<5>