إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس عبدالناصر في افتتاح المؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي

          الآن أيها الأخوة بعد قرابة سنتين من الصمود، فإن هذه المبادئ التي كانت درعاً للصمود وإلهاماً له ومصدر قوة هائلة لا يمكن أن توضع في مهب الريح.. إن هذين التناقضين الكبريين وحركتهما المتصادمة هما السبب الرئيسي لتدهور الموقف- خط وقف قتال تحاول إسرائيل أن تضع فوقه أكثر مما يستطيع تحمله- بينما الأمة العربية تعتبر وجوده حيث هو عدواناً يومياً عليها وإهانة مستمرة لها- ثم إصرار إسرائيل على تحقيق مكاسب إقليمية بالعدوان، بينما الأمة العربية بما استطاعت تعزيزه مادياً وعسكرياً في صمودها السياسي الذي تقرر في الدقيقة الأولى- أصبحت الآن أقدر على الرفض وأقدر على تحدي أي محاولة للعدوان مهما كانت التضحيات ومهما بلغت المشقة ومهما طال المدى.

أيها الأخوة

          ننتقل الآن إلى نظرة على بعض جبهاتنا المحيطة بالعدو-

أولاً: الجبهة المصرية، وحينما نتكلم عن الجبهة المصرية نبدأ بالكلام عن عملية بناء القوات المسلحة.. وكلنا نعلم الحال الذي كانت عليه القوات المسلحة بعد العدوان وبعد قرار وقف إطلاق النار.. كانت عملية بناء القوات المسلحة عملية صعبة لم تكن بأي حال من الأحوال عملية سهلة.. أولاً كنا في حاجة إلى استعواض السلاح، ثم في حاجة إلى إعادة التنظيم.. ثم في حاجة إلى التدريب الشاق. وكل هذا يستلزم الجهد الكبير.. وكل هذا يستلزم التعود. كل هذا يستلزم التعود على الحياة الشاقة، الشاقة جداً للضباط والجنود.

          طبعاً أيضاً تكوين القوات المسلحة وتنظيم القوات المسلحة والتدريب أيضاً على الأسلحة لا يكفي، ولكن لابد من تدريب العقول التي تقود هذه القوات، وهذه الوحدات. ولم يكن أيضاً هذا العمل بالسهل بالنسبة لتكوين القيادات وبالنسبة لتدريب القيادات وبالنسبة لسيطرة القيادات من أكبر القيادات إلى أصغر القيادات.

          ونحن حينما نتكلم عن بناء القوات المسلحة، إنما نعني أننا نبني القوات المسلحة التي نثق في تسليحها وتنظيمها وتدريبها، وأيضاً قيادتها. لأن القوات المسلحة القيادة بالنسبة للقوات المسلحة هي العقول التي تدير المعركة والعقول التي تعمل في وقت القتال، ثم نوعية الرجال وصفات الرجال في القوات المسلحة. كانت هذه العمليات أيضاً عمليات دقيقة وعمليات تحتاج إلى تصنيف، كان المطلوب روح القتال وروح التضحية وإعادة الثقة في قواتنا المسلحة بعد الحملة التي تعرضت لها قواتنا المسلحة عالمياً من أجل التشهير بها وبخواصها. وفي الحقيقة نحن فقدنا المعركة وافتقدنا المعركة في سنة 1967 بدون أن نقابل العدو وجهاً لوجه، افتقدنا الحرب بدون أن نحارب، فقدنا المعركة بدون أن نقاتل، ومع هذا تعرضت قواتنا المسلحة إلى الكثير من حملات التشهير. كانت المواجهة الوحيدة في سنة 67 هي من المواجهات التي حصلت يوم 5 يونيه. وفي هذا اليوم أبلت قواتنا المقاتلة بلاءً حسناً، ولكن نظراً لما حل بقواتنا الجوية يوم 5 يونيه صدرت الأوامر بالانسحاب في يوم 6 يونيه. إذاً لم تكن هناك فرصة للحرب حتى نخسرها، ولم تكن هناك فرصة للمواجهة ولكن كانت هناك محاولة للتشهير بقواتنا المسلحة حتى يفقد الشعب ثقته في قواته المسلحة، وحتى

<5>