عليه قبلها، ومعنى ذلك أن عدد المشتغلين زاد بعد الثورة بنفس مقدار ما كان التطور المصري السابق عليها كله قد أتاح لمواطنينا من فرص العمل.

3 .

إن العاملين السابقين، زيادة عدد السكان، وهدف العمالة الكاملة، كان لهما أثر كبير على سوق الاستهلاك والضغط عليه، ومع الجهد المستمر لإبقاء الأسعار داخل حدود معقولة- وهي لا تزال حتى الآن من أرخص الأسعار في العالم، كما أن الزيادات الأخيرة التي طرأت عليها تقل عن نسب الزيادة العامة التي طرأت على الأسعار في العام الأخير في معظم الدول- فإن المشكلة تبقى في حاجة إلى عمل كبير وتنظيم أكبر لكي تظل مشكلة الاستهلاك في مصر داخل نطاق يمكن السيطرة عليه، ويمكن استباقه دائماً بمعدلات مرتفعة في النمو.

4 .

إن الإنفاق الحربي شهد في السنوات الأخيرة زيادات ضرورية بل وحيوية اقتضتها احتياجات توفير أكبر قسط من كفاءة الدفاع العربي القومي واقتضتها احتياجات تطوير أنواع جديدة من الأسلحة واقتضتها العمليات العسكرية المجيدة التي اضطر جزء من قواتنا المسلحة إلى القيام بها في اليمن تدعيماً لثورتها ومساهمة في تحرير مناطق شاسعة من العالم العربي ما زالت ترزح تحت نير الاستعمار.

وكانت النتيجة الظاهرة لذلك أن ارتفع الإنفاق على القوات المسلحة في الميزانية إلى مائتي مليون جنيه، ومع أن هذا الرقم يزال يمثل نسبة أقل مما ينفقه غيرنا على الدفاع بنسبة ميزانيته إلا أننا، ونحن بلد يتطلع إلى آمال عريضة في النمو يعوض بها تخلفه - كنا نتمنى لو استطعنا توجيه كل قرش إلى الرفاهية المادية والفكرية لجماهير شعبنا - لكننا نذكر دائماً - ويجب أن نذكر - أننا نعيش في عالم لم يتحقق فيه السلام بعد، وما زال العدل الذي لا يقوم السلام - ولا يدوم - بغيره أملاً دونه الطريق الطويل والعقبات المضنية.

5 .

إننا ندفع في كل ما نستورده ومازلنا نستورد الكثير خصوصاً من معدات الإنتاج ومستلزماته - نفقات ظاهرة ارتفاع الأسعار في العالم، ونفقات ما يصرفه العالم ككل في سبيل السلاح الحديث.

وإذا كنا نستورد من الغرب ومن الشرق على السواء، فليس ينبغي علينا أن ننسى أن ما ندفعه، محمل بكل ظروف الدول التي نستورد منها، وبالتالي فإننا نتأثر تأثراً مباشراً بما يجري فيها ولا نستطيع أن ننعزل عنه.