(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، في اجتماع دعا إليه الاتحاد العام للعمال

في الهواء ولابد أن يحدث التغيير ونحن واقفين على الأرض على أرض صلبة وعلى أرض واسعة. في ظروف ما بعد النكسة لم تكن الأرض صلبة، كل حاجة فيها بتهتز، النكسة كانت بمثابة زلزال كبير، لم تكن الأرض واسعة، لقد كان مجال التحرك العملي أمامنا ضيق ومحصور، الشعب رفض الهزيمة وصمم على المقاومة لم يفرط في إرادته وأن يتمسك الشعب بإرادته، وفرض بها ضرورة الاستمرار في المقاومة مهما كان الثمن، ولكن إرادة الصمود ليست مجرد عاطفة وشعور، وإنما إرادة الصمود لابد أن تدعمها إمكانية الصمود.

الخطوة الأولى التي كان لابد أن نبدأ بها إعادة بناء القوات المسلحة، كان لابد لنا أن نفتح أمام أنفسنا طاقة عربية وأمام أصدقائنا وأمام الرأي العام العالمي كله فرصة الحل السياسي، وفي نفس الوقت كان لابد علينا أن نضع في حسابنا أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد بغير القوة.

          وإذن كان علينا أن نعيد بناء قواتنا المسلحة. إيه اللي فعلناه في إعادة بناء قواتنا المسلحة. علشان نبني قواتنا المسلحة حانعوز أولاً أسلحة، حانعوز احتياجات كثيرة، وده عايز عمل سياسي واتصالات سياسية لا أول لها ولا آخر. العمل العسكري وتنظيم الوحدات العسكرية، التدريب، استيعاب السلاح، كل ده ونحن في خنادق ميدان القتال، ده مثل للصعوبة حتى صعوبة إن إحنا نسحب قوات من اللي موجودة في الجبهة علشان نعمل بها مناورات أو نعمل بها تدريبات. حققنا في ذلك ما أنا راض عنه وما أعتبره من المعجزات في مثل المدة التي تم فيها. لا أقول أكثر من ذلك تفصيلاً وأنتم لا ترضون أن تسمعوا مني أكثر.

الخطوة الثانية الصمود الاقتصادي، بعد قفل قناة السويس كان لابد أن نواجه فترة حرجة قدر لها أن تبدأ في شهر ديسمبر الماضي. كان لابد أن نعيد ترتيب مواردنا، نحصل على موارد إضافية، نزيد طاقات إنتاجنا الكبيرة التي بنيناها بالعرق والدم خلال سنوات سابقة من نضالنا ونمشي. إحنا عرفنا حصل في هذا الوقت إن كهربة السد العالي وصلت القاهرة ووصلت إسكندرية. كان لابد من حشد لكل موارد إنتاجنا لمعركة شاقة طويلة مريرة لكنها معركة مقدسة لا نحيد عنها ولا نلين فيها. ولا نقبل بعدها ما هو أقل من نصر شريف عادل.

          في الناحية الاقتصادية كان لابد من أن نوفر كل احتياجاتنا من الخارج، وهي ليست احتياجات بسيطة، وإنما هي احتياجات حيوية وإحنا بنعرف أهم حاجة يمكن بنجيبها من الخارج هي القمح، رغيف العيش اللي بنطلبه كل يوم واللي بنأكله كل يوم. كان أعداءنا فاكرين إن إحنا حانصبح يوم مانلاقيش القمح ومانلاقيش رغيف العيش. ده كان الشغل الشاغل وكان لابد إن إحنا أيضاً نبني احتياطي نقدي نستند عليه في الساعات الحاسمة. عملنا في هذا الكثير، اجتماعات اللجنة التنفيذية العليا كانت كلها من أجل الوضع الاقتصادي ومن أجل تأمين مستقبلنا واحتياجاتنا وصمودنا، والمال عصب الحرب. إزاي حانحارب من غير ما نصمد اقتصادياً، وإزاي سنقاتل ونحرر أرضنا من غير ما نوفر الأكل لنا. إزاي حانوفر الأسلحة من غير ما نوفر المال.

<15>