إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(حمورابي)، وكيف حاول محو اسم حمورابي، الذي ذّيل به تلك الشرائع، حسداً وحقداً على هذا الملك العظيم، وسعياً لعلاج مرض العقل والنفس، الذي ورثه هذا العيلامي عن آبائه.. وهكذا بعد عملية التدمير، التي قام بها ذلك الملك الفارسي داخل العراق، سرق جانباً من تاريخ وحضارة العراق الثقافية والقانونية، بدلاً من أن يصنع حضارة صاعدة؛ ذلك لأنه عاجز عن الصعود وفق خواصه، فانحدر إلى الدرك، لأن ذلك يلائم خواصه ونزعته... ولماذا وكيف دمر الملك كورش ملك الفرس مدينة بابل بعد حوالي ستة قرون؟ تلك المدينة، التي تعد مركز الحضارة الإنسانية الأول والأكثر إشعاعاً وتأثيراً في الحضارات الإنسانية آنذاك، وبالتعاون مع جذام أصاب جسم بابل حينذاك: (اليهود)، الذين جاء بهم الملك نبوخذنصر مكبلين في الأسر إلى بابل؟. لقد هدّم الملك كورش بابل بغريزته التدميرية، وبحسده وحقده، ليس تعبيراً عن اقتدار مبصر، وإنما عن عجز أعمى وأحمق، ظاناً أنه يعالج بذلك عقدته المتمثلة في ضعف أو انعدام الوعي، وانعدام أو ضعف قدرة الصعود عن طريقها الإنساني الصحيح، فأورثها غيره، لكن إلى أن يأذن الله، بما ينير القلوب والضمائر، وما في الصدور، لمن داهمهم الظلام، لو أراد ذلك، سبحانه، وستبقى بغداد، مثلما كانت عصية على الأعداء، محروسة بالعز، والاقتدار الواعي الأمين على المعاني الإنسانية، ولن تفتح أبوابها إلا للشعوب، التي تطلب العلاقة الطيبة والصداقة، وللمؤمنين الخيرين، إن شاء الله.

          وعلى هذا فإن الشعوب ذات الجذر العميق في دورها الحضاري، هي غير الشعوب في دور حضاري متواضع، وإن الشعوب، التي يلعب في حياتها وتاريخها ومهماتها الجانب الإنساني دوراً كبيراً أو حاسماً، في تبني دعوة خير أو دعوات، وفي حمل رسالة أو رسالات، وفي مستوى ونوع النماذج المتصلة بهذا على طريق الصيرورة الإنسانية الأفضل والمعاني العالية؛ هي غير الشعوب، التي يقتصر تاريخها الأساس على دور متصل بدور محلي أناني محدد، وضيق في أغلب الأحيان، والفرق، أيضاً، ذو معنى تأثيري عميق في هذا أو ذاك من الشعوب، بين ما إذا كانت الأرجحية الغالبة، في هذا الدور، للعوامل والاعتبارات المادية، أو مفرداتها الحياتية ضمن مرحلتها فحسب، أو بصفات وعوامل أخرى، وما إذا كانت نماذجها المحفزة أو المذكرة بهذا الدور، ليس غير نماذج للتدمير وإيذاء الشعوب والأمم وتجاوز الحق للغرق في الباطل، أمام نماذج أخرى تذكر بالخير والمحبة، والإيثار، والدور الإنساني الكبير..، والعمل من أجل ما هو حق وعدل. ومن العوامل المؤثرة في نوع واتجاهات الحكام والشعوب بوجه عام، أيضاً، هو هل يكفيهم ما في داخل بلدانهم، ويكفهم عن غيرهم، ويشغلهم عن العداوة والعدوان، أم هل ينقصهم ذلك، وبخاصة عندما لايهتدون إلى طريق زيادة الإمكانات، ومفردات الحياة عن طريق

<4>