إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة " النهار "، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

تعزيز مركز رئاسة الوزارة، ودورها، وإمكاناتها، بما يتلائم وحاجة البلاد إلى قيام تعاون حقيقي على شؤون البلاد بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟ المهم، أن طرح هذه المسائل يجب ان يكون في الصيغة التي لا تستثير ردود فعل مضادة. والمهم ايضا، ألا تكثر المجازفات، وألا نراهن بالكل دفعة واحدة.

        إن كل مطلب، من مطالب المشاركة، ممكن، حيثما يتحقق حوله التفاهم الوطني، ويشارك الجميع في صنع. وفي مطلق الأحوال، يجب أن يعيش كل فريق آلام الفريق الآخر، على الأقل من قبيل التعزية، إذا تعذر إنقاذه من متاعبه. مشاركة في الآلام، مشاركة في الهموم، مشاركة في الأماني والآمال! تلك هي المشاركة الحقيقة التي تبني وتصنع المعجزات.

        وماذا لو تذكرنا أيضاً أنه بمقدار ما يكون المسيحيون مسيحيين. والمسلمون مسلمين يسهل التفاهم ويهون تذليل الصعاب؟ لأن ما ينقصنا، هو الإيمان الحقيقي، نقيض التعصب والطائفية. فاتحادنا بالله هو الذي يحقق اتحادنا على الأرض. لأن الله، لا هو مسلم، ولا هو مسيحي، ولا هو يهودي، إنما هو الخير المطلق، والعدل المطلق، والجمال المطلق، فمقدار ما نؤمن به روحاً، بمقدار ذلك يخفف استقلالنا لاسمه على الأرض كأية مادة من مواد الأرض.

        فمزيدا من التامل، ومزيدا من الإيمان أيضاً، ولنتعاون على مشكلاتنا بهذا الإيمان. بعد هذا، يبقى أن نتفاهم ايضا ونعلن أن مسألة المشاركة لا تطرح فقط من ناحية المناصب والمراكز والوظائف، وهي، في الأساس، وكما تتوخى المشاركة الحقيقية، مسالة تنمية اقتصادية واجتماعية، تتأخر وتتعثر، بسبب أوضاع الحكم والدولة. ونتساؤل هنا عما إذا لم يكن الاختلاف على المناصب، وشهوة الحكم، ما يلهينا غالباً عن مكافحة الحرمان في بؤرة الحقيقة!.  

        ليست فوضى
        في اعتقادنا أنه سواء كان مسيحي في هذا المنصب او مسلم في ذاك، تبقى القضية قضية ديموقراطية باتت أقرب إلى الفوضى منها إلى الديمقراطية الحقيقية.حتى ليصبح القول أن ما يحكمنا هي ( ديكتاتورية الفوضى ). وأقصد بذلك أن الديموقراطية تعني، في بعض أصولها، ألا يكون الحكم وقفاً على شخص أو جماعة تحتكر المسؤولية لنفسها وتمارسها على هواها. وهذا يستدعي وجود بديل، للحاكم، وصيغة أخرى، وفي غياب البديل، لا تكون ديموقراطية، وفي اعتقادنا، نحن اللبنانيين، أن تبديل الأشخاص، تبديل الوزراء والنواب هو الديموقراطية، فيما الحاجة هي الحاجة إلى ذهنية أخرى، وبرنامج آخر، ونهج آخر. فأية ديموقراطية هي هذه الديموقراطية عندما تأتي الحكومات مثلا بدافع الشهوة إلى الحكم، وتذهب بالدافع نفسه أيضا؟!

        يخيل إلينا، أحيانا، أن إصلاح النظام الانتخابي مثلاً، أو الإصلاح السياسي، أو كما يتصور بعضنا تغيير النظام السياسي في وجه عام وتنقيته من الطائفية، أمور كفيلة بإنقاذ البلاد من هذه الديموقراطية المختلفة. ولكن، أليس غباء أن ننتظر ونتوقع إصلاحات جذرية من هذا النوع، من حكومات تأتي وتذهب في الطريقة التي أشرت إلى بعض جوانبها وملامحها؟! كما في كل إصلاح، لابد هنا من بداية أو، في الأصح، لابد من وجود جماعة مصلحين تأتي إلى الحكم، بالأصول الديموقراطية الشرعية في طبيعة الحال، بعدة كاملة لإطلاق الإصلاح، ولتحقيق هذه البداية. وسنظل ندور في الحلقة المفرغة، حتى تقوم جبهة سياسية واسعة، تطرح نفسها حركة إنقاذ وتكون البديل الذي

<8>