إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة "النهار"، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

الجهة الرئيسية، إلى صاحب الحق بالذات، وأعني به الإرادة الوطنية المشتركة. فلا رئيس الجمهورية، ولا الحكومة، ولا أي حزب، كذلك لا هيئة أو مؤسسة، تستطيع وحدها أن تبت مطلباً كهذا. وحدها الإرادة الوطنية تقرر ذلك. وهي تعني عزماً من الجانبين يتوافق على صيغة أخرى. تماماً كالعزم المشترك، الذي تكون في الأربعينات، على التحرر من الانتداب وتحقيق السيادة والاستقلال.

         وإذا قيل ان الإرادة الوطنية تتجسد في السلطات والمؤسسات المعبرة عنها، وعلى هذه ، بالتالي، أن تبلور هذا العزم، وتقرر الخطوة التاريخية الأخرى، فكلام يبقى في حدود النظريات والتمنيات.

         إن هذه السلطات والمؤسسات لا تملك أي صلاحية من هذا القبيل، وإن تأمنت لها الصلاحية، فالقدرة تعوزها، نتيجة عجز الأمة وعدم وضوح إرادتها، في هذا المجال. هلا تذكرنا حال الحكومة، وحال مجلس النواب، في الأزمات؟ حال عجز مطلق.

         أما التغيير بالقوة والعنف فهو أسوأ تغيير لأنه يقود إلى تسلط آخر، أو إلى نكبة وطنية، أو إلى نكسة تعود بنا ربع قرن إلى الوراء.

         نحن ضد مبدأ العنف
بالنسبة إلينا، نقف في صراحة ضد مبدأ العنف، خصوصاً على هذا الصعيد، لأنه إذا لجأ إليه بعضنا، أو هدد به، قوبل بعنف مماثل وتهديد مماثل أيضاً. وفي أي حال واجبنا الحؤول دون هذا الأسلوب مقصوداً جاء أم غير مقصود. وقد بات واضحاً أن استمرار الكبت والإحساس بالظلم، من هذا الجانب أو من الجانبين معاً، قد يؤدي هو أيضاً إلى العنف.

         أما السبيل إلى ذلك فلا نراه إلا بالتفاهم الوطني، تفاهماً روحياً عميقاً، تكون بدايته محاولة صادقة من المسيحيين للوقوف على حقيقة مشاعر المسلمين والعكس بالعكس. فمن الضروري، مثلاً، أن يدرك المسيحيون حقيقة مطلب المشاركة ومكوناته النفسية والاقتصادية والاجتماعية. فثمة إحساس عند المسلمين أن النظام القائم يصنفهم في مرتبة ثانية، خطأ كان ذلك أم صواباً.

         وقد صدف أيضاً أن بدأ الاستقلال، عندما كانت المناطق والأوساط على مقدار كبير من التخلف والحرمان. لماذا، وكيف؟... الأسباب عديدة، لا يسأل عنها المسيحيون بمقدار ما تسأل عنها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها لبنان وأفرزت هذا التفاوت وعزرته مع الأيام. لكنه في الحالتين، واقع حي، ندرك حجمه وأثره في النفوس، متى تذكرنا أي جهد بذلناه، منذ الستينات على الأقل، لكي نحد منه ومن شروره.

         وإنا بالذات، شاهد على ذلك، والإنصاف يقضي بالاعتراف للكتائب هنا، بأنها كانت في صميم محاولة النهوض بالمناطق المحرومة، عندما سخرت رصيدها في المناطق المسيحية، لتوجيه الإنفاق العام، بقسطه الأكبر، نحو المناطق الأخرى. هل نذكر مشروع الأربعمائة والخمسين مليوناً؟... وغيرها وغيرها من المشاريع المماثلة التي كان لي أنا شخصياً شرف العناية بها والإشراف على تنفيذها، من مدارس وطرق ومشاريع مياه وإنارة وما إليها؟ على الرغم من كل هذا الجهد، فالتخلف باق، إذ ليس سهلاً أن نعوض في عشر سنين مثلاً ما أفرزته عقود السنين من فقر وحرمان.

<4>