إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بيان أدلى به السير متشيل ماكدونيل لبعض المسائل القانونية
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 691 - 698"

عند أول فرصة تضع فيها أوزار هذه الحروب.. سنطالبكم بما نغض الطرف عنه اليوم لفرنسا في بيروت وساحلها.. سيما وأن جوارهم لنا سيكون جرثومة للمشاكل والمناقشات التي لا يمكن معها استقرار الحالة، عدا أن البيروتيين بصورة قطعية لا يقبلون هذا الانفصال.. وعليه يستحيل امكان أي تساهل يكسب فرنسا أو سواها شبرا من أراضي تلك الجهات".

        فهنا أيضا لا توجد كلمة واحدة عن الأراضي المقدسة، أو سنجق القدس أو أية إشارة لهـا دلالة جغرافية، سوى عبارة "الجهات الشمالية وسواحلها" وهي التي لا شك في أنها تقع إلى الغرب من مناطق دمشق وحمص وحماة وحلب.

        ومما له دلالة عظيمة أيضا أن الفقرة الأخيرة المقتبسة من كتاب الشريف حسين تذكر فرنسا وحدها، باعتبارها الدولة التي لا يسمح بالنزول لها عن شيء من الأرض. ومثل هذا يقال عن العبارة الوحيدة التي لها علاقة بالموضوع في الكتاب الأخير. فقد جاء في كتاب السير هنري مكماهون المؤرخ في 13 يناير 1916 (راجع كتاب المستر انطونيوس صفحة 426) ما يأتى:

        "أما عن الجهات الشمالية فقد لاحظنا بارتياح عظيم انكم لا ترغبون في عمل شيء من شأنه أن يمس التحالف بين بريطانيا العظمى وفرنسا".

        ويخيل إلي أن الشريف حسين لا بد أن يكون حظه من نفاذ البصيرة عظيما، ومن العلم بالغيب كبيرا، ليدرك من هذه المكاتبات أن الحكومة تنوي أن تخرج فلسطين من المنطقة التي تتكفل باستقلالها، فإن كل كتاب من الكتب التي بعثت بها الحكومة البريطانية إليه بإمضاء السير هنري مكماهون لا يستفاد منه أي شيء ينبيء بأن في النية إخراج فلسطين واستثناءها، بل كل ما في هذه الكتب ينفي أن فلسطين موضوع مباحثه، وذلك لاستعمال أوصاف جغرافية تنطبق على الجهات المجاورة، ولا تصف فلسطين نفسها، أو تدل عليها، أو تشير إليها. ويخلو الكتب، عند ذكر أسباب الاستثناء، من الأسباب التاريخية والدينية ذات العلاقة بالأراضي المقدسة، وباقتصارها عـلى الأسباب السياسية الخاصة بشمال سوريا وهي أسباب لا يمكن أن تكون لها أية صلة بفلسطين.

        وقد اقتصرت في بياني هذا على ما يستخلص، بغير تمحل في فهم مدلول الألفاظ، من العبارات الواردة في المكاتبات على العموم.

        والتفسير الوحيد الذي جاءت به الحكومة - غير ما سمعناه من سيادتكم يعني رئيس القضاة - هو الذي ورد في الكتاب الأبيض الصادر في سنة 1922 وفيه يقول المستر تشرشل أن عبارة "أجزاء من بلاد الشام واقعة إلى الغرب من ولاية دمشق" - وقد اقتصر على هذه الفقرة، ولم يورد البقية - تعدها الحكومة شاملة لولاية بيروت وسنجق القدس المستقل أو بعبارة أخرى فلسطين كلها غربي نهر الشريعة.

        وفي الوقت الذي أذيع فيه هذا التفسير لم يكن شيء من المكاتبات قد نشر بالإنجليزية. وقد صرحت الحكومات المتعاقبة، بأن نشر المكاتبات يخالف المصلحة العامة.

        أما وقد نشرها الآن المستر انطونيوس، فإنه يخيل إلى أن الحكومة قد تزحزحت عن موقفها ذاك الذي يدل عليه تفسير المستر تشرشل، وعادت تقول الآن أنه "مما

<7>