إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عن حائط المبكي
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 479 - 530"

وحائط الحرم الشريف الإبراهيمي في الخليل). غير أنه ليس من الضروري أن تنشأ مثل هذه الخلافات بشأن الحائط الغربي لأن المكان الذي يقدسه كلا الفريقين واحد غير أن البواعث التي تحمل كليهما على تقديسه تختلف لدى كل منهما كل الاختلاف. وفي وسع كل فريق أن يؤدي صلواته في مكان منفرد عن الآخر، ذلك أن ساحة الهيكل هي مباحة لفريق واحد منهما بينما أن الفريق الآخر إنما يطلب حق السلوك إلى المكان الكائن أمام الحائط.

         وقد حدا باللجنة أن تدلي برأيها هذا في هذا المقام كي تبين بجلاء إمكان إجراء ترتيب قد يكون مقبولا لدى الفريقين. أما مسألة "الحق" الذي يستطيع اليهود المطالبة والادعاء به في مكان ليس بملكهم قانونيا فمسألة مستقلة سنتناولها بالبحث فيما يلي من هذا التقرير.

5 - السلوك إلى المكان الكائن أمام الحائط:

         لقد ثبت من البينات والشهادات التي أشرنا إليها فيما تقدم أن الحائط الغربي لساحة الهيكل كان موضع تقديس اليهود واحترامهم الديني لقرون عديدة، ولما اندثرت معالم الهيكل نفسه أخذ المتعبدون من اليهود، بدلا من الزوار الذين كانوا يؤمون أطلال الهيكل القديم يزورون البقية الباقية من الهيكل، أي الحائط الذي يعتقدون بأن الحضور الإلهي لم يبرحه قط. وفي الاستطاعة إقامة الدليل على ذلك حتى في القرن الرابع، ذلك أن نواح وصلوات اليهود كانت تسمع، قبل أن يصبح مكان البكاء وقفا إسلاميا لمدة طويلة، من نفس المكان الكائن الآن إمام الحائط تماما، ويظهر أن الرصيف كان في العصور القديمة كما ذكرنا فيما تقدم، جزءا من فناء مكشوف. وتأييدا لذلك نستدل، على سبيل المثال، بقول المؤرخ بنيامين من توديلا (نحو سنة 1167 بعد الميلاد) حيث قال: - "ويقوم إمام هذا المكان (أي الحرم الشريف الحالي) الحائط الغربي الذي هو أحد جدران قدس الأقداس، ويسمى بباب الرحمة وإلى الحائط الكائن في فناء مكشوف يذهب اليهود للصلاة" (دليل بنيامين من تودللا لادلر - صفحة 22 - 23 طبعة لندن سنة 1907 م.) .

         ثم أقيم بعد ذلك حائط بين الحائط الغربي وبيوت المغاربة حتى إنه عندما أنشئت تلك البيوت أصبح المدخل الوحيد إليه من الطريق العام من طرف الحائط الشمالي. ومع ذلك لم يقم المسلمون، ذوو السلطان في ذلك الحين، بأي عمل كان لمنع اليهود من حرية السلوك إلى ذلك المكان إذ أنه كان مسموحا لهم، بأن يزوروا الحائط ويقيمون تضرعاتهم أمامه كما كانوا يفعلون فيما مضى. ولم تنقطع هذه العادة إلا في حالات مؤقتة إما بسبب قوة قاهرة أو عند وقوع حوادث سياسية كان ينفى اليهود على أثرها من القدس بين حين وآخر، ولكنهم كانوا يعودون إلى مزاولة هذه العادة حالما يتيسر لهم ذلك وبالمدى المستطاع.

         ولذلك فإن اللجنة تعتقد تمام الاعتقاد بأن المكان المبحوث عنه يجب اعتباره "موقعا دينيا" يستعمله خصيصا لهذه الغاية الذين ينتمون للمذهب الموسوي

<37>