إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عن حائط المبكي
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 479 - 530"

        وفريق المسلمين لم يبد أي تصريح من هذا القبيل، بل جل ما تمسك به هو أن الحائط مقدس للمسلمين لسبب خاص سنتناوله بالبحث في مكان آخر من هذا التقرير. فإذا كانت هذه هي الحال فلا يمكن الادعاء بقداسة الرصيف الذي تجاه الحائط بالاستناد إلى صفته الوقفية طالما أنه يستعمل ممرا يؤدي إلى محلة المغاربة وطالما أصبح يستعمل أيضا ممرا من محلة المغاربة إلى ساحة الحرم الشريف منذ فتح الباب في طرفه الجنوبي.

        بقي علينا الآن أن نبحث فيما إذا كان المسلمون يقدسون الحائط والرصيف الكائن أمامه لأي سبب خاص. فقد ادعى فريق المسلمين بأن هنالك سببا يحمل على تقديس هذا المكان، ذلك أنه يوجد داخل الحائط مسجد صغير أقيم في المكان الذي يعتقد أن النبي محمد ربط فيه براقه ليلة إسرائه إلى المسجد الأقصى. وقد فهمت اللجنة أن أكثرية المسلمين تعتقد أن براق النبي ربط بالفعل في ذلك المكان نفسه. ومما هو جدير بالملاحظة أن المكان المذكور لا يقع ضمن ذلك القسم من الحائط الملاصق للرصيف بل في طرفه الجنوبي وأن الوصول إلى مسجد البراق الصغير هو من داخل ساحة الحرم الشريف لا من خارجها.

        وفي هذه الأحوال ترى اللجنة أنه لا يمكن اعتبار الرصيف الكائن أمام الحائط مكانا مقدسا من وجهة النظر الإسلامية. ففي عهد النبي محمد كان الرصيف جزءا من فناء مكشوف (راجع ما يلي) وليس في البينات التي أدلى بها أمام اللجنة ما يدل على أن قسما خاصا من ذلك الموقع كان منذ القدم مقدسا - لدى المسلمين. ويحتمل إن "الزاوية" التي أقيمت بجوار الرصيف سنة 1929 م. كانت تستعمل في زمن عريق في القدم، للغاية الدينية التي تستعمل لها في الوقت الحاضر. أما الرصيف نفسه فقد استعمله المسلمون منذ الأجيال الغابرة لأمور دنيوية وما زالوا يستعملونه كذلك لغاية الآن. ولم يستعمله المسلمون قط على ما هو معلوم لإقامة الصلاة فيه ورغما عن استعماله من اليهود لإقامة صلواتهم فقد كان على الدوام طريقا للمغاربة سواء للمرور أو لسوق دوابهم وإبلهم.

        أما فيما يتعلق بالحائط نفسه فالأمر مختلف فيه. واللجنة تميل إلى قبول قول المسلمين بشأنه، أي أن حائط المبكى برمته مقدس للمسلمين لأنه المحل الذي نزل فيه النبي محمد ومر به ثم ربط براقه فيه. وفى رأيها أن الحقيقة لا تمنع اعتبار هذا الحائط مقدسا لليهود أيضا. فإذا كان احترام ذكرى مرور النبي بذلك المكان قد جعل الحائط الغربي برمته مقدسا لدى المسلمين رغما عن كون البراق ربط على مسافة معينة من المكان الذي يبكى عنده اليهود، فلماذا لا يجوز أيضا أن ينظر بعين الاعتبار وعلى نفس المنوال إلى الاحترام الذي ما فتئ اليهود يبدونه منذ قرون عديدة نحو هذا الحائط نفسه الذي يعتقدون بأنه البقية الباقية من الهيكل القديم وبأن الحضور الإلهي لا يبرحه، فالطوائف المسيحية بسبب منشئها المشترك، تقيم شعائر عبادتها، في كثير من الأحوال في نفس الأماكن والأبنية وبذلك يقع بينها أحيانا مشاحنات وخلافات بشأن ما لكل منها من حقوق في إقامة تلك الشعائر. ويصدق هذا القول أيضا، في بعض الظروف، على العرب واليهود ذينك الشعبين اللذين ينحدرا من صلب إبراهيم، وبالطبع ليس من السهل في مثل هذه الأحوال الوصول إلى اتفاق إذ أن المكان الذي يبجلونه واحد والعبادة يقيمونها في نفس المكان (مثال ذلك: - قبر راحيل

<36>