إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عن حائط المبكي
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 479 - 530"

         ولا مندوحة لنا في هذا الصدد عن إيضاح الفرق بين معنى المادة 13 والمادة 14 من صك الانتداب اللتين تبحثان في التدابير المستطاعة لصيانة الحقوق الدينية في بعض الأماكن في فلسطين.

         قد كانت الحقوق في الأماكن المسيحية المقدسة منذ عدة أجيال من الأمور المختلف عليها من عدة وجوه بين الكنائس المختلفة التي تدعى بملكيتها أو بحق التصرف فيها ولا تزال هذه حالها حتى يومنا هذا. وقد كان لهذه الخلافات الدائمة غالبا صدى في العلاقات المتبادلة بين الدول العظمى في أوروبا. وفضلا عن ذلك، فقد كانت مسائل ملكية الأماكن المقدسة في فلسطين، منذ أواخر القرن السادس عشر فصاعدا في مقدمة الأمور السياسية الدولية. كما أن المناظرات والمجادلات في النقاط المتعلقة بهذه المسائل كانت بالفعل أحد الأسباب التي أدت إلى حرب القرم. ولما عقد الصلح في سنة 1855 م. عرضت المسائل المختلف عليها، والتي كانت لا تزال غير مفصول فيها، على الدول الموقعة على معاهدة الصلح فتعهدت هذه الدول بالمحافظة على الحالة الراهنة (ستاتيكو) التي كانت مرعبة قبل نشوب الحرب. ثم بحث في مسألة حماية الأماكن المقدسة أثناء مفاوضات الصلح التي أعقبت الحرب الروسية - التركية سنة 1878 م. وأثبت عندئذ في معاهدة الصلح نفسها بند يمنع اجراء أية تغييرات في الحالة الراهنة بدون موافقة الدول الموقعة على معاهدة الصلح. وفي سنة 1878 م وسنة 1858 م. أيضا بنى تقرير الحالة الراهنة على نفس القواعد والمبادئ المثبتة في الفرمان الصادر من تركيا في سنة 1852 م.، تلك المبادئ التي يتفق معظمها مع ما ورد في الفرمان الصادر سنة 1757 م.

         أما المباني والمواقع التي كانت موضع عبادة أو احترام اليهود فلم يشملها الاتفاق المذكور أعلاه. غير أن هناك عددا من الفرمانات التي تبحث في الأماكن والمواقع اليهودية المقدسة. وفي سنة 1878 م. ضمنت لليهود الحرية الدينية أيضا *

         أشرنا فيما تقدم إلى فرمانات من هذا النوع تتعلق في مسألة تقرير وضعية اليهود. وقد تناولنا هذه الفرمانات بالبحث في مكان آخر من هذا التقرير.

         هكذا كانت الحالة عند نشوب الحرب. الحرب العظمى وبقيت كذلك إلى أن احتلت الجيوش البريطانية فلسطين سنة 1917. وقد أصبحت الأماكن المسيحية المقدسة بالطبع، تحت حكم دولة مسيحية، موضع حماية خاصة. ولكن ما هو الموقف الذي اتخذته الحكومة الجديدة ازاء الديانتين الأخيرتين في البلاد قد أجيب على هذا السؤال حالا، أولا: بالتصريح الذي أصدره اللورد بلفور بالنيابة عن الحكومة البريطانية في شهر تشرين الثاني ومنشور أذاعه الجنرال اللنبي بعد ذلك ببرهة قصيرة عند دخوله القدس في كانون الأول سنة 1917. فالتصريح الأول ينظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين مع أنه يؤكد في الوقت ذاته بأنه لا يفعل شيئا يضير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف


          (*) كان قبر راحيل الكائن بقرب بيت لحم ويعتقد أن زوجة يعقوب دفنت فيه موضع نزاع بين العرب و اليهود. فاليهود الذين توجد مفاتيح المكان في حوزتهم يدعون بحقهم في المكان مستندين إلى فرمان يقال إنه صادر سنة 1615 م. وبما أنه لم يمكن الوصول إلى اتفاق بين الفريقين فقد قامت إدارة فلسطين بإجراء التعميرات الضرورية لخارج ذلك المقام.

<30>