إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
(مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 409- 424"

إيران على هذا النحو مفقودين في حين أن هناك آخرين أصبحوا بمثابة عديمي الجنسية نظرا لأنهم قد جردوا من وثائق هويتهم.

          129 -   وقصة أخذ الرهائن التي شملت مدنيين إيرانيين أثناء الحرب بين إيران والعراق إنما تشبه إلى حد كبير حالات أخذ الرهائن التي ثبت حدوثها إبان احتلال الكويت. فحكومة العراق كانت قد أخذت أصلا عدة آلاف من الأجانب من غير الكويتيين كرهائن في العراق والكويت. والإفراج عن هؤلاء الأشخاص قبل بدء هجمات قوات التحالف قد قابله أخذ رهائن من الكويتيين وغيرهم من المدنيين (وشمل ذلك مصريين وسعوديين ضمن جنسيات أخرى). ومع أن العديد من هؤلاء الأشخاص قد فروا أثناء الانتفاضات التي وقعت في جنوب العراق في آذار/ مارس 1991، وأن حكومة العراق قد أفرجت عن أعداد أخرى كثيرة كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، فلا تزال الادعاءات قائمة بأن العراق يحتجز حتى الآن 101 2 كويتي إلى جانب أعداد صغيرة من مواطني دول أخرى. فلدى الرابطة الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب (وهي منظمة غير حكومية)، قائمة بأسماء 053 1 شخصا من جنسيات مختلفة يدعى أنهم ما زالوا محتجزين في العراق؛ وتفيد التقارير بأن 546 من هذه الحالات تشمل أشخاصا شوهدوا إما محتجزين في العراق أو مختطفين أثناء احتلال الكويت. وردا على هذه الادعاءات التي تفيد باستمرار وجود رهائن محتجزين في العراق، اعترفت الحكومة بأنه لا يزال هناك عدد كبير من الكويتيين في العراق، ولكنها أكدت أنهم جميعا أحرار في أن يعودوا إلى بلدهم ولكنهم اختاروا ببساطة ألا يعودوا (E/CN.4/1992/64، الفقرة 1).

          130 -   وحسبما جاء في التقارير التي وردت من رهائن سابقين وإفادات الشهود المتلقاة، فقد خضع هؤلاء المحتجزون لشتى أشكال ودرجات سوء المعاملة. وشملت الادعاءات: الاحتجاز في أحوال لا إنسانية، وعدم الحصول على القدر الكافي من الأغذية والمياه النظيفة، وانعدام العلاج الطبي، وقص شعر النساء، وعمليات الضرب، والاغتصاب، والتعذيب المعنوي والجسدي. وتفيد الشهادات التي أدلى بها من سبق أن أخذوا كرهائن أثناء الحرب بين إيران والعراق بأن الكثيرين قد أرغموا على العمل أيضا بينما أعدم الكثيرون تعسفيا أو بناء على إجراءات مبتسرة. وإلى جانب الانتهاكات الواضحة لقانون حقوق الإنسان التي تنطوي عليها هذه الادعاءات، فإن تلك الأفعال المدعى بها تمثل انتهاكات للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وتشكل "انتهاكات صارخة" بموجب أحكام المادة 147 من نفس الاتفاقية. ومن الجدير بالذكر أيضا أن قتل الرهائن إنما يشكل "جريمة حرب" وفقا للمادة 6 من ميثاق نورنبرغ.

          131 -   أما فيما يتعلق ببعض الذين أخذوا كرهائن لاستخدامهم "كدروع بشرية" من أجل حماية أهداف عسكرية محتملة، ففد ارتكب العراق أفعالا مشينة منتهكا بذلك مجموعة من قواعد حقوق الإنسان والمادة 28 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تنص على ما يلي: "لا يجوز استغلال وجود أي شخص محمي بغرض جعل بعض النقاط أو المناطق بمنأى عن العمليات الحربية"، كذلك تحظر المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 استخدام أسرى الحرب "كدروع بشرية".

          132 -   وحيث إن العديد من الادعاءات السابقة قد ثبت بشكل نهائي، وحيث إن العراق قد اعترف بالفعل بأخذ الرهائن واستخدام بعضهم "كدروع بشرية"، وحيث إنه ليس هناك أي عذر يمكن قبوله لارتكاب تلك الانتهاكات الجسيمة لقواعد حقوق الإنسان الدولية و القانون الإنساني، فيعرب المقرر الخاص عن الأمل في دفع تعويضات مناسبة لضحايا تلك الانتهاكات.

دال -   محنة اللاجئين

          133 -   لا شك في أن أكثر شهادة مثيرة للدهشة عن حالة حقوق الإنسان في العراق في السنوات الأخيرة هي قرار الملايين من المدنيين العراقيين بالهرب من ديارهم بحثا عن ملجأ. ولعل هذا وحده أبلغ من مجلدات كاملة في الدلالة على نظام القمع الذي عانى منه كثيرون لفترات طويلة. إذ ما من شك في أن هؤلاء الأفراد قد أعطوا برحيلهم على الأقدام شهادة عن نطاق حالات انتهاك حقوق الإنسان في العراق.

          134 -   فخلال زياراته في كانون الثاني/ يناير إلى العراق وبعض البلدان المجاورة له، رأى المقرر الخاص بعينيه الأوضاع التي اختار هؤلاء الأشخاص العيش في ظلها كلاجئين وسمع بأذنيه قصص الفظائع والإهانات التي عانى منها كثيرون منهم والتي شهدها جميعهم. ومن بين المليونين وأكثر من الأشخاص الذين فروا إلى التلال الكردية والصحراء الجنوبية هربا من الهجمات العشوائية التي وقعت في آذار/ مارس 1991 والقمع الذي تلاها في نيسان/ أبريل 1991، والذين وجد عدة مئات من الآلاف منهم ملجأ مؤقتا في البلدان المجاورة، كان لا يزال هناك حوالي 000 83 شخص في إيران و000 33 شخص في المملكة العربية السعودية في مخيمات اللاجئين وقت الزيارات التي قام بها المقرر الخاص في منتصف كانون الثاني/ يناير 1992. وقد حدث أثناء هروبهم أن انفصل كثيرون عن أسرهم أو توفى أمام أعينهم، وهم يهربون، أطفالهم الصغار وشيوخهم ومرضاهم. وهؤلاء الأشخاص وقد تركوا وراءهم ديارهم وأمتعتهم أصبحوا مضطرين الآن إلى أن يقضوا بقية حياتهم كلاجئين. وإذا كان كثير منهم قد كشف عن آثار الجراح التي تركتها عمليات التعذيب على أجسادهم، فإنهم يشعرون جميعا في أعماقهم بوطأة المعاناة النفسية الأليمة التي يعيشونها. وفي ظل هذه الأوضاع، لا يمكن أن يساور المقرر الخاص شك في أن هؤلاء اللاجئين سيبقون خارج العراق نظرا لخوفهم من الاضطهاد، وهو خوف له ما يبرره.

<15>