إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
(مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 409- 424"

75 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة، وسرقت البذور، وأغلقت المئات من مزارع الدواجن، ووضعت الألغام في أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية التقليدية. وتباشر هذه الممارسات بصفة خاصة (لا سيما وضع الألغام التي تسببت ولا تزال تتسبب في حدوث إصابات فظيعة وفي خسائر في الأرواح) في المناطق المتنازع عليها فيما يتعلق بحدود منطقة الحكم الذاتي المقترحة.

          102 -   واستخدام القوة المفرطة ضد الأكراد، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، يشكل نمطا ثابتا من الممارسات. واستمع المقرر الخاص إلى عدة تقارير من شهود عيان نجوا من عمليات الإغارة المختلفة التي قامت بها القوات المسلحة العراقية والتي استخدمت فيها القصف الجوي والأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين العزل وأسفرت عن عدد كبير من القتلى والمصابين. وقد ثبتت عمليات إغارة محددة بعدة مستندات (طبقا لما ذكر أعلاه). وعلاوة على ذلك، استمع المقرر الخاص إلى عدة تقارير أخرى تتعلق بالقصف العشوائي واستخدام أسلحة أخرى ثقيلة ضد الأكراد العزل من السلاح أو المسلحين بأسلحة خفيفة خلال المراحل المختلفة للانتفاضات التي حدثت في آذار/ مارس 1991.

          103 -   وربما كانت أشنع الانتهاكات التي ارتكبت ضد الأكراد هي عمليات الإعدام المنتظمة التي ارتكبت ضد أسر "المخربين" المزعومين. وتؤيد المستندات التي يدعى بأنها صادرة من مكاتب الأمن في المدن الكردية وجود سلسلة من عمليات "الأنفال" التي قام بها مكتب تنظيم الشمال خلال الفترة من خريف عام 1987 إلى منتصف عام 1989. ويبدو من عدد كبير جدا من هذه المستندات أنها تشير إلى مصادرة الممتلكات، أو تحديد تحركات المواشي، أو إغلاق مزارع الدواجن، أو إعادة توطين السكان في "القرى المجمعة" فقط، بيد أنه عند قراءتها ككل وإرفاقها بالتقارير المتناثرة عن عمليات الإعدام الجماعية "للمخربين" وأسرهم، يزداد وضوح نطاق هذه العمليات. وفضلا عن ذلك، فإنه لما كان بعض هذه المستندات يحدد أعدادا ضخمة من السكان (مثل المستند رقم 6، الفقرة 5، بالمرفق الثاني) [غير مستنسخ هنا] وتصف مستندات أخرى "المخربين" بأنهم يشملون "مجموعة البرزاني" (مشيرة إلى العشيرة التي تسمى بهذا الاسم)، ولما كانت الإجراءات التي اتخذت في إطار هذه العمليات، لم تخضع لأي مراجعة قضائية، فمن الواضح أن نطاق العمليات كان جماعيا. وفضلا عن ذلك، يؤكد الحديث المسجل صوتيا، والمشار إليه من قبل، للأمين العام لمكتب تنظيم الشمال (ووزير الدفاع حاليا) السيد علي حسن المجيد أن هذه العمليات كانت تستهدف الأكراد في حد ذاتهم دون تمييز. وبناء على ذلك، وفي ضوء أسماء الأكراد المختفين التي تجاوزت فعلا 15000 اسم والتي استرعي نظر المقرر الخاص إليها، يصعب استبعاد ما يدعيه الأكراد من اختفاء نحو 182000 شخص بسهولة. وهكذا فمما لا شك فيه أن هذه السياسات، وعمليات "الأنفال" بصفة خاصة، تحمل علامات المخططات التي ترمي إلى الإبادة الجماعية.

          (ب)   الحصار الداخلي

          104 -   من الجدير بالذكر، أن الحكومة العراقية، في الوقت الذي تحتج فيه بشدة على الحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي عليها، تفرض هي نفسها حصارا داخليا على دخول الأغذية والوقود والأدوية إلى المناطق الكردية بالقطر. ولما كان أحد الزعماء الأكراد قد وصف ذلك بأنه "حصار داخل الحصار"، فمما لا شك فيه أن الحصار الداخلي قد أسفر عن مزيد من الحرمان لأشد المحتاجين في هذا الجزء من القطر. وقد عانى المجتمع الكردي من مصاعب خاصة خلال هذا الشتاء البارد نتيجة لقيام الحكومة بفرض الحصار، الذي شمل الزيوت اللازمة للتدفئة، في 23 تشرين الأول/أكتوبر1991، مع بداية حلول فصل الشتاء. وينفذ هذا الحصار عن طريق سلسلة من نقاط التفتيش المسلحة الموجودة على جميع الطرق الداخلة إلى منطقة الحكم الذاتي التي تخضع للسيطرة الكردية والخارجة منها حيث يصادر أفراد الحراسة الذين يقومون بالمراقبة الأغذية والوقود مهما قلَّت كمياتهما ويتركون نصف خزان من الوقود لكل سيارة ويحرقون الباقي.

          105 -   ويشمل الحصار، إلى جانب الواردات من السلع الأساسية، السحب الشامل للخدمات المدنية من المناطق الكردية، سواء بنقل الموظفين المدنيين المعينين مركزيا أو بعدم صرف مرتبات الموظفين المدنيين المحليين. وبالطبع، أسفرت هذه العملية عن الحرمان الكامل أو التقليل من الخدمات الاجتماعية والخدمات الأخرى التي ينتظر من الحكومة أن تؤديها. ومنعت الحكومة أيضا صرف معاشات المتقاعدين.

          (ج)   الحكم الذاتي
          106 -   ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على المساواة بين الأفراد ومجموعات الأفراد المنتمين إلى أصول وطنية وإثنية ولغوية ودينية مختلفة بداخل نفس الدولة. ولتحقيق هذا الهدف، تمنع الصكوك الدولية ذات الصلة التمييز وتضع قواعد تنطوي على تدابير خاصة وحقوق خاصة للمحرومين. وفي بعض مجالات الحياة الوطنية، مثل مجالات لتعليم واللغة والثقافة والدين، تكون هذه القواعد محددة تحديدا دقيقا من حيث الطابع والمضمون بينما تظل الدول التي تخضع لنفس الالتزام بضمان المساواة وعدم التمييز والمحافظة عليهما، تتمتع حتى الآن بمزيد من السلطة التقديرية في تنظيم القطاعات الوطنية الأخرى مثل القطاعات التي تؤثر على نظامها السياسي والاقتصادي.

          107 -   وأكدت حكومة العراق مرارا أنها اختارت سبيل اقتراح الحكم الذاتي على الأكراد. ويستحق هذا الاختيار، في حد ذاته، الثناء لأنه لا يشكل جزءا من المعايير الدولية لحقوق الإنسان رغم الأخذ به في بلدان كثيرة. ومع ذلك، وفي ضوء تاريخ ومصير أنظمة ومفاوضات الحكم الذاتي المذكورة، وفي ضوء التطورات الحديثة والجارية أيضا، تثور شكوك جدية حول معنى الحكم الذاتي الذي تريد الحكومة العراقية أن تمنحه

<11>