إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) رسالة مؤرخة 7 حزيران/يونيه 1993 وموجهة إلى الأمين العام من الممثل
الدائم للعراق، بشأن أعمال لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 581 - 583"

        (أ)   إن وصف الحدود الذي اعتمده مجلس الأمن أساسا للترسيم بقراره 687 (1991) والذي فصل فيه تقرير الأمين العام المقدم استنادا إلى الفقرة (3) من القرار المذكور لا يتطرق إطلاقا إلى وصف الحدود في منطقة خور عبد الله. وعلى هذا الأساس لا يمكن الاستناد إلى ذلك الوصف في أية عملية للتخطيط على النحو الذي قامت به اللجنة، لأن التخطيط لا بد أن يستند إلى وصف، أي تحديد متفق عليه، للحدود بين الأطراف المعنية؛

        (ب)   إن منطقة خور عبد الله لا يصدق عليها، حسب وصف الحدود الذي اعتمده مجلس الأمن بقراره 687 (1991)، صفة البحر الإقليمي لكي يصار إلى البحث عن قاعدة تقسيمه بين الدول المتجاورة والمتقابلة طبقا لقواعد قانون البحار؛

        (ج)   إن منطقة خور عبد الله، حتى على افتراض كونها بحرا إقليميا، فإنه يصدق عليها وصف (الظروف الخاصة)، وهو ما أقره الخبيران المستقلان أيضا، مما يسوغ حسب اتفاقية قانون البحار لعام 1982 تعيين حدود البحر الإقليمي بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط في حالة عدم الاتفاق بين الطرفين على قاعدة أخرى. إن الحكم المتعلق بحالة (الظروف الخاصة) هذه يكتسب قوة إضافية لعدم وجود صيغة متفق عليها لتحديد الحدود. وبمعنى آخر إن تعيين الحدود في هذه المنطقة (يتم للمرة الأولى DE NOVO)، ومن ثم يمكن الأخذ بحالة الظروف الخاصة؛

        (د)   إن للعراق حقوقا تاريخية في منطقة خور عبد الله التي لم يمارس حكام الكويت الملاحة على نطاق واسع فيها مما يجعلها مستثناة حسب اتفاقية قانون البحار لعام 1982 من قاعدة خط الوسط على نحو ما ذكرنا في (ج) أعلاه؛

        (هـ)   ليس من حق مجلس الأمن بموجب وظائفه وسلطاته الممنوحة له في ميثاق الأمم المتحدة أن يفرض على دولة عضو تحديدا لحدودها لأن هذا الاختصاص يخضع بموجب القانون الدولي إلى قاعدة الاتفاق بين الدول ذات العلاقة ولكونه لا يمت بصلة بالدقة المطلوبة قانونا إلى مسائل الحفظ على السلم والأمن الدوليين التي يختص بها المجلس. وبذلك يكون المجلس قد تصرف بصورة تتجاوز نطاق صلاحياته (Ultra Vires).

        خامسا -   لقد أنفق العراق مليارات من الدولارات عبر عشرات السنين لتأمين أعمال الكري وتوسيع وتحسين وصيانة القنوات والممرات الملاحية الرئيسية والثانوية المؤدية إلى خور عبد الله والمارة فيه، وإقامة المنشآت البحرية والموانئ والمرافئ في منطقة خور الزبير من أجل تأمين انسياب تجارته عبر البحار. إن فرض الحدود في منطقة خور عبد الله بالطريقة التي قررتها لجنة التخطيط يهدد تهديدا خطيرا حق العراق في حرية الوصول إلى البحار من خلال ممارسة حقه التاريخي في الملاحة غير المقيدة والآمنة في منطقة خور عبد الله إلى الحد الذي قد يجعله مستقبلا في حكم الدولة المغلقة عديمة السواحل.

        سادسا -   وأخيرا، أود في الختام أن أؤكد مرة أخرى استنتاجنا الوارد في رسالة وزير خارجية جمهورية العراق الموجهة إليكم بتاريخ 21 أيار/ مايو 1992 (الوثيقة S/24044)، لكونه لا يزال يصدق أكثر من أي وقت مضى على مجمل ما انتهت إليه أعمال لجنة التخطيط والقرار الأخير الجائر الذي أصدره المجلس برقم 833 (1993):

"إن من الواضح لكل مراقب محايد أن القرارات التي اعتمدتها اللجنة بمجموعها إنما هي قرار سياسي صرف فرضته القوى المتحكمة بمجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم وخاصة حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا،"
...
"وذلك يشكل سابقة خطيرة جدا ويناقض من حيث الجوهر والنتائج الواجبات والمسؤوليات التي أوكلها الميثاق لمجلس الأمن. إن هذه الحالة لا يمكن أن تسهم في توطيد الأمن والاستقرار في المنطقة بل إنها تخلق بؤرة توتر دائمة فضلا عن الإيذاء المتعمد لمصالح مشروعة وحيوية لدولة عضو في الأمم المتحدة. وإذا كانت هناك ظروف قاهرة تفرض على السلطات العراقية مواقف معينة إزاء مثل هذا القرار فإن شعب العراق لا يمكن أن يقتنع بأن حقوقه التاريخية قد احترمت وأن مصالحه قد روعيت من قبل مجلس الأمن كما تفترض ذلك قواعد القانون الدولي ومعايير العدالة والإنصاف. كما أن الأمة العربية ستبقى تنظر إلى هذا الوضع على أنه حلقة أخرى من مسلسل اللعب الاستعمارية الغربية الذي بدأ خلال وبعد الحرب العالمية الأولى والذي كان ولا يزال محط سخط واستنكار الأمة العربية وسبب الكثير من المتغيرات والاضطرابات التي حدثت في الوطن العربي كله، كما أن تاريخ العالم قد شهد أمثلة لمثل هذا الذي يجري اليوم، والعالم يعرف النتائج التي ترتبت على مثل هذه الأمثلة".

(توقيع) محمد سعيد الصحاف
وزير خارجية
جمهورية العراق


<3>