إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) رسالة مؤرخة 7 حزيران/يونيه 1993 وموجهة إلى الأمين العام من الممثل
الدائم للعراق، بشأن أعمال لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 581 - 583"

والتدخلات التي مارسها نائب المستشار القانوني للأمانة العامة للأمم المتحدة في عمل اللجنة.
         وكانت نهاية المطاف في هذه الدورة أن وافقت اللجنة، كما جاء في بيانها الصحفي الصادر في 24 تموز/ يوليه 1992، على البحث في قطاع خور عبد الله أيضا ومناقشته في اجتماع يعقد لهذا الغرض في شهر تشرين الأول/ أكتوبر.
         والجدير بالذكر أن البيان الصحفي هذا قد تضمن تفاصيل تشير إلى أن قرارات اللجنة التي اتخذتها في شأن تخطيط ما وصف بالحدود البرية لم تقتطع أم قصر وآبار نفط وأراض من العراق لصالح السياسة المقابلة المضادة. ويبدو أن ذلك قد جاء تنفيذا لما أملي على رئيس اللجنة وخبير بها بشرح القرارات التي اتخذتها اللجنة لمواجهة الضجة الصحفية الواسعة التي تناولت الموضوع وأكدت جانبا من الحقائق في صحف عديدة في الغرب وفي البلاد العربية. ثم قامت اللجنة في الدورة السابعة من اجتماعاتها التي انعقدت في نيويورك في الفترة من 12 إلى 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1992 بمواصلة مناقشة الموضوع في ضوء الدراسة التي قدمها الخبيران المستقلان وطلبت منهما مواصلة جمع المعلومات في شأن المسألة.

         4 -   لقد طرأ تطوران مهمان ضمن تسلسل الأحداث هذا. ففي 12 آب/ أغسطس 1992 أحيل "التقرير الإضافي" للجنة "التخطيط" الذي أنجزته في دورتها السادسة إلى رئيس مجلس الأمن. وقد أشير في تلك الإحالة إلى ما نصه: "وبقدر ما يخص الأمر الحدود لما وراء الساحل، فإن المجلس قد يرغب في تشجيع اللجنة على أن تخطط ذلك الجزء من الحدود في أقرب وقت مستطاع، فتكمل بذلك عملها". لقد جاءت هذه الإشارة رغم أن الأمانة العامة تعلم تماما أن اللجنة لم تكن قد اتفقت بعد على أنها مختصة، بموجب صلاحياتها المقررة، بتخطيط الحدود البحرية، ورغم أن موقف رئيسها كان واضحا جدا لديها في هذا الشأن الذي بلغ حد التنويه بالاستقالة إذا فرض هذا الأمر على اللجنة. إن هذه الإشارة تعزز الانطباع بأن المُقرر مسبقا كان هو تلبية رغبة حكام الكويت والدول التي تدعمها في مجلس الأمن والتي خططت منذ البداية لأن تكون نتيجة أعمال لجنة التخطيط هي ما توصلت إليه رغم كل الآراء والمفاهيم المغايرة لها. وبالفعل نجد أن مجلس الأمن يسارع في اعتماد قراره 773 (1992) في 26 آب/ أغسطس 1992 ولينص في فقرة منطوقه الثالثة على الترحيب بقرار اللجنة في أن تنظر في الجزء الشرقي من الحدود، الذي يشمل الحدود البحرية، وعلى حث اللجنة على أن تخطط هذا الجزء من الحدود في أقرب وقت مستطاع فتكمل بذلك عملها. إن هذا التطابق الواضح بين اللغة التي استخدمت في إحالة تقرير اللجنة إلى مجلس الأمن وبين ما نص عليه قرار المجلس 773 (1992) وخلفية الوقائع الثابتة التي تتضح من مناقشات اللجنة يعكس بما لا يقبل الشك أو التأويل مسعى منسقا بين حكام الكويت وأوساط معروفة في الأمانة العامة ودول معينة أعضاء في مجلس الأمن لتوجيه أعمال اللجنة بصورة مغايرة لصلاحياتها المحددة من المجلس نفسه في القرار 687 (1991) وتقرير الأمين العام المقدم استنادا إلى الفقرة 3 من ذلك القرار (الوثيقة S/22558) وبدون أن يَرقى ذلك إلى حد التعديل الصريح لتلك الصلاحيات لأن ذلك كان سيعني فضيحة سياسية وقانونية مكشوفة لا يمكن التستر عليها. لقد وجهت أعمال اللجنة بهذه الصورة قبل أن تتخذ هي موقفا محددا من المسألة لأن غاية ما كانت قد عنيت به حتى ذلك الوقت لم يتعد مجرد دراسة الموضوع من الناحية الفنية. إن ذلك هو الذي يفسر أيضا ما تكشفه محاضر جلسات اللجنة من تكرار ممثل حكام الكويت عن استعداده للذهاب إلى الأمانة العامة وإلى المجلس لاتخاذ الموقف المطلوب في كل مناسبة كان يسمع فيها رأيا مغايرا لما يريده.
         أما التطور الثاني فهو يخص استقالة رئيس اللجنة من عمله اعتبارا من 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992 حسبما أوضح برسالته الموجهة إلى الأمين العام بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992. وفي 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، وجه رئيس اللجنة رسالة أخرى أكثر تفصيلا حول نفس الموضوع إلى المستشار القانوني للأمم المتحدة. وقد بينت هذه الرسالة أن الاستقالة تعود إلى سببين الأول منهما شخصي والسبب الآخر "هو أنه توجد لدي (أي لدى الرئيس)، منذ بعض الوقت، تحفظات حول شروط صلاحية اللجنة". لقد كشف الرئيس في الرسالة المذكورة كيف أنه أثار مع المستشار القانوني لمرات عديدة بعض أوجه شروط صلاحية اللجنة، وأن الحدود في قطاع ما بعد الساحل (خور عبد الله) لم تجر الإشارة إليها بالذات في الرسائل المتبادلة عام 1932 مما يعني عدم وجود أي تحديد للحدود يمكن للجنة أن تتخذ منه أساسا في عملية التخطيط الموكلة إليها، وكيف أن المستشار القانوني أوضح له أن "أي تغيير في تفويض اللجنة من قبل مجلس الأمن هو غير وارد إطلاقا". وتبين الرسالة أيضا أن المسألة نوقشت مرة أخرى بين الرئيس والمستشار القانوني في أيار/ مايو، كما نوقشت في لقاءين عقدا بين الرئيس والمستشار القانوني من جهة والأمين العام من جهة أخرى في شهري تموز/ يوليه وأيلول/ سبتمبر 1992، وكيف أن الرئيس "شرح الوضع" الذي "جعل من المستحيل عليه" أن يستمر في عمله ما لم تجر تعديلات معينة على تفويض اللجنة. ونظرا لإدراك الرئيس لصعوبة تغيير شروط تفويض اللجنة، لم يجد أمامه سوى سبيل الاستقالة.

         5 -   إثر استقالة رئيس اللجنة، عين السيد نيكولاس فالتيكوس لرئاستها. وانعقدت الدورة الثامنة لها في جنيف في الفترة من 14 إلى 16 كانون الأول/ ديسمبر 1992 حيث قررت بعجالة أن المبدأ الأساسي الذي يحكم تخطيط الحدود في خور عبد الله يجب أن يكون هو خط الوسط على أن يكون من المفهوم أن الهدف والغاية الرئيسيين من تسوية الحدود هو تسهيلات الوصول الملاحي لكلا الطرفين.

         6 -   إن التداخل والتأثيرات غير القويمة في عمل اللجنة التي تطرقنا إليها فيما تقدم والتي آلت إلى النتيجة المبينة آنفا تثير، إضافة إلى ما أشرنا إليه من موقف، جملة من المسائل القانونية التي نود إيجازها في النقاط الآتية:
<2>