إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) خطاب السيد ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمام الجميعة العامة للأمم المتحدة
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 438 - 446"

قريتي كفر برعم واقرت. كما ان اهلنا عاشوا هناك ثمانية عشر عاماً تحت الحكم العرفي، لا يحق لهم الانتقال من مكان الى مكان مجاور دون اذن مسبق من الحاكم العسكري. تصور، ياسيادة الرئيس، في الوقت الذي يسن فيه المشرع الاسرائيلي قانوناً يعطي حقاً تلقائياً بالمواطنية لاي يهودي يهاجر الى ارضنا فور ان يطأها، يسن قانوناً آخر يعتبر الفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين ولم يكونوا في قراهم او مدنهم ساعة احتلالها، محرومين من المواطنية.

          السيد الرئيس،
          ان سجل حكام اسرائيل الحافل بجرائم الارهاب يمتد ليشمل عدداً من ابناء امتنا العربية الذين بقوا تحت الاحتلال في سيناء او الجولان. كما ان ذكرى جريمة قصف مدرسة بحر البقر ومصنع ابو زعبل في مصر العربية، ما زالت ماثلة للاذهان. واما تدمير مدينة القنيطرة السورية فما زال شاهداً لكل من يريد ان يرى ما يفعله الارهاب. واذا فتح سجل الارهاب الصهيوني على جنوبي لبنان، وهو الارهاب الذي ما زال مستمراً، فسوف تقشعر الابدان من هول ما يرتكب من اعمال القرصنة والقصف والعدوان، بما في ذلك تهجير المدنيين وتدمير بيوتهم وخطفهم وحرق مزارعهم الى جانب الاعتداءات المستمرة على سيادة الدولة اللبنانية، والاعداد لسرقة مياه نهر الليطاني. ولنذكر، في هذا المجال، بالمقررات العديدة التي صدرت عن هذه المنظمة، والتي تدين اسرائيل بارتكاب الاعتداءات ضد الدول العربية وباعتداء على حقوق الانسان، وفيما يتعلق بضم القدس وتغيير وضعها السابق للاحتلال وادانتها لمخالفات متعددة لبنود اتفاقيات جنيف في حالة الحرب.

          السيد الرئيس،
          ان التأمل بكل هذه الاعمال لا يمكن ان يطلق عليه من وصف غير وصف الارهاب الهمجي. ومع ذلك، يتجرأ اولئك الارهابيون الغزاة العنصريون على تسمية نضالات شعبنا العادلة بالاعمال الارهابية. هل يوجد ثمة تجرؤ على الباطل والتزييف اشد من هذا؟ واننا نقول ان على اولئك الذين اغتصبوا ارضنا، وارتكبوا من جرائم الارهاب والتمييز العنصري اكثر مما فعل ويفعل العنصريون في جنوب افريقيا، ان يذكروا قرار الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة الذي اعلن طرد جنوب افريقيا من عضويتها، لان ذاك هو المصير المحتوم لكل الدول العنصرية التي تطبق شريعة الغاب وتغتصب وطن الآخرين وتضطهدهم.

          السيد الرئيس،
          لقد قاوم شعبنا الفلسطيني خلال ثلاثين عاماً، تحت الاحتلال البريطاني والغزو الصهيوني، كل محاولات انتزاع ارضه. وناضل في ثورات ست، ومن خلال الانتفاضات الشعبية، ومن اجل احباط المؤامرة، ليبقى على ارضه وفوق تراب وطنه، قدم في سبيل ذلك ولغاية 1948 ثلاثين الف شهيد (اي ما يوازي 6 ملايين اميركي بالنسبة لعدد السكان اليوم).

          وعندما اقتلعت غالبيته من الارض الفلسطينية التي احتلت عام 1948، ظل يقاوم في ظررف صعبة محاولات افنائه. وحاول شعبنا بكل الطرق، استمرار نضاله السياسي من اجل حقوقه، دون جدوى. وناضل للحفاظ على وجوده فتعلم ابناؤه في النزوح والشتات، وكدحوا تحت اصعب الظروف ليستطيعوا الاستمرار، واصبح لدى الشعب الفلسطيني آلاف الاطباء والمهندسين والاساتذة والعلماء، توجهوا بعملهم وامكانياتهم للاقطار العربية المحيطة بوطنهم المغتصب، فساهموا في البناء والتعمير والتطوير، وحصلوا على دخل استخدموه لمساعدة اقربائهم الصغار والعجائز الذين استحال عليهم مغادرة مخيمات النزوح، علم الاخ اخاه واخته، وحافظ على والديه وربى اولاده، ولكنه ظل يحلم في قلب ذاته بالعودة الى فلسطين. ظل فلسطينياً متمسكاً بوطنه لا يهتز ولاؤه لها، ولا تهن عزيمته، ولا يفتر حماسه. لم يغره شيء للتخلي عن فلسطينيته ووطنه فلسطين. لا ولم ينسه الزمن اياها كما توقع المتوقعون.

          وعندما خابت آمال شعبنا بالاسرة الدولية التي نسيته وتغافلت عن حقوقه، وثبت لشعبنا عجز النضال السياسي وحده عن استعادة شبر من ارض وطنه، لجأ شعبنا الى الثورة الفلسطينية واعطاها كل امكانياته المادية والبشرية وخيرة شبابه. وواجه شعبنا ببسالة ارهاباً اسرائيلياً لا يتخيله بشر ليثنيه عن طريق النضال.

          لقد قدم شعبنا في السنوات العشر الاخيرة من نضاله، آلاف الشهداء، وأضعافهم من الجرحى والمشوهين والاسرى والمعتقلين من اجل ألا يفنى او يذوب، ومن اجل انتزاع حقه في تقرير مصيره على وطنه وفي عودته الى ترابه.

          وتعيش جماهير شعبنا الآن تحت الاحتلال الصهيوني، تقاوم بكل الكبرياء المتأصلة فيها، بكل الشموخ الثوري الملازم لها، سواء من زج منها في السجون والمعتقلات او من يعيش داخل السجن الكبير في قفص الاحتلال ، يقاومون من اجل البقاء والوجود، يناضلون من اجل ان تبقى الارض عربية، ويكافحون الطغيان والظلم والارهاب بشتى صوره المأساوية الخطيرة.

          ومن خلال ثورة شعبنا المسلحة، تبلورت قيادته السياسية، وترسخت مؤسساته الوطنية، وبنيت حركة التحرير الوطنية التي تضم كل فصائله وتنظيماته وقدراته والتي جسدتها منظمة التحرير الفلسطينية.

          ومن خلال حركة التحرير الوطنية الفلسطينية المناضلة، نضج نضال شعبنا وتعددت اساليبه، فشمل النضال السياسي والاجتماعي بالاضافة للنضال المسلح. واندفعت منظمتنا تساهم

<7>