إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) الجمهورية العربية المتحدة
"المشاريع الوحدوية العربية 1913-1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336-377"

سيادة أمة، وطموح حياة عزيزة كريمة. وكان لا بد لمصر من ان تدخل معركة الحرية الضارية في تأميم قناة السويس، كما دخلت سوريا معارك الحرية تتوالى، فاستحق هذان الجزءان العربيان الغاليان نعمة الحرية الوارفة الظلال بعد ان وضعتهما التجارب على لظى النيران، آناً بعد آن، ودوراً بعد دور، حتى صفا الجوهر الخالص واستحال كل باطل إلى رماد، وكان لنا ما أردناه حرية خالصة، وكانت الحرية وحدها سبيلنا إلى ربط مصايرنا المشتركة برباط الوحدة الجامعة.

في سبيل هذه الحرية والسيادة نادينا بمبادئ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، لانه من شروط السلامة والسيادة ان نتحرر من سياسة الطامعين، ومضرمي الحروب، فليست أرضنا موطناً لأقدام جيوشهم، ولا ثرواتنا مورداً لحروبهم، ولا أبناؤنا، جنودا في معسكراتهم، ولا مبادؤنا وعقائدنا، ذريعة لنشر مبادئهم وعقائدهم.

على هذه المبادئ والأسس، وبروح كلها صدق، وعزيمة، ومضاء، توالت اتصالاتنا بمصر العزيزة، خلال الشهور الأخيرة، تحقيقاً لقرار مجلسكم ولقرارات الحكومة المنبثقة عنكم، ولإرادة الشعب بجميع أحزابه وهيئاته، وانتهينا إلى تلك الجلسة المشتركة، التي عقدت في قصر القبة يوم الأول من شباط عام 1958 والثاني عشر من رجب عام 1377 بحضور كامل أعضاء الحكومتين المصرية والسورية، وأعلنا باسم الله، والشعب العربي في كل من الجزءين الغاليين: مولد الجمهورية العربية المتحدة - مؤكدين في البيان التاريخي ان عناصر الوحدة بين الجمهوريتين السورية والمصرية وأسباب نجاحها قد توافرت بعد ان جمع بينهما في الحقبة الأخيرة، كفاح مشترك زاد معنى القومية وضوحاً وأكد انها حركة تحرير وتعمير وعقيدة تعاون وسلام. كما انها في الوقت نفسه خطوة إيجابية في طريق وحدة العرب وتضامنهم ودعوة إليهم للالتقاء معها بأي شكل مناسب من أشكال الوحدة أو الاتحاد.

فالى العرب في مواطنهم ومهاجرهم، أعلن من فوق هذا المنبر، كما أعلنت في القاهرة يوم الأول من شباط، هذا الميثاق القومي الجديد فتحا من الله ونصرا عزيزاً. ففي مدى الألف عام التي مضت لم يكن أعظم منه شأناً، ولا أبعد أثراً في حياة الأمة العربية، بل في تاريخ هذا الشرق الكبير، وانني لأرى منذ الآن رؤية العين، وحدتنا القومية، مؤتلفة مع بقية الأجزاء العربية بأسباب الوحدة أو الاتحاد، على المبادئ التي نعمل من أجلها، ونسعى أبداً لتوطيدها وهي مبادئ الحرية والعدل والحياد الإيجابي وعدم الانحياز مبادئ غدت ترمز اليوم إلى ممارستنا حقنا الكامل في السيادة القومية.

<51>