إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

الأمة وحاكميها وقادتها في المواقع الأمامية من تبعاتهم الكبرى إزاء وثبة التحرير والوحدة. وانه لمن أعز ما نفاخر به اليوم، ونحن مقبلون على حدث الأحداث العربية في القرن العشرين أن السوريين لم يصونوا استقلالهم إلا ليدفعوا به إلى الأمام عجلة الاستقلال العربي كاملاً، ولم يحتفظوا لأنفسهم بسلامة كيانهم وسيادتهم في أرضهم إلا ليلقوها دعامة راسخة في بناء كيان عربي ذي سيادة، وقد شرفني ان أعرب عن ضمائرهم وشعورهم يوم الجلاء عام 1946 عندما رفعت علم الاستقلال، وقلت لن يرتفع فوقه ان شاء الله الا علم واحد هو علم الوحدة العربية. هذا هو الموجز في تاريخنا القومي أيها السادة النواب، نضال في سبيل الحرية، وحرية في سبيل الوحدة. لم نهادن في جهادنا ولم نساوم، لم ندخر طاقة ولا جهداً، ولا وفرنا مالاً ولا رجالاً. وكنا أبدا في صراع مع الأعداء غير متكافئ، فما وهنا ولا هانت علينا نفوسنا. وكانت المقاومة أعظم من قوى الشر لأن الإيمان كان في أعماقها أبداً.

أيها النواب المحترمون!

في خلال العامين الأخيرين من هذا التاريخ الحافل، تم لقاؤنا القومي من جديد مع مصر الثورة، فكان لقاء أخويا صادقا على صعيد المبادئ القومية السامية، وعلى أسس صريحة من سياسة دولية، مستوحاة من مصلحتنا القومية العليا ومن حرصنا الشديد على صيانة معنى السيادة بكل جماله وجلاله.

ولقد طالما تعانقت في التاريخ البعيد والقريب، اسيافنا وأقلامنا وأرواحنا، ولكن لقاء اليوم، إلى جانب كل ما بيننا من أواصر القربى والتاريخ والمصلحة القومية، هو إعراب كامل عن عزم نضالي، تجلى في وعي شعب عربي حر. وهذه هي بالذات نقطة اللقاء في تاريخ العرب الحديث. وهذا التاريخ لن يكون جموداً على الأوضاع المصطنعة، ولا ركوداً على الآفاق المحدودة، ولا اتكاء، ولا اتكالاً، ولا أنانية ولا هروباً إلى العزلة، بعيدا عن تطورات الأحداث ومجابهة الوقائع.

لقد دعم الجبهة المصرية السورية أيها الاخوان، عامل جديد من العوامل الخارجية التي أرادت ان تصدع الجبهة الصامدة، فزادتها قوة ومناعة وصموداً. ومثلما شعر المستعمرون بثقل الجبهة القومية في الميزان الدولي، ازددنا شعوراً بوزنها في تطور الأحداث وبضرورتها في حفظ التوازن العالمي لمصلحة العدل والحرية والسلام. ولقد ارادوا لنا الحرية بعد طول المضاء والعناء حرية مغلولة اليد، مشلولة الحركة، ترسف في اغلال الاتفاقيات والاحلاف. وتتوكأ عاجزة على عصي المساعدات والتبرعات، فلا تعكس من واقع الحرية سوى ظلالها وأبينا إلا أن نريدها حرية كاملة شاملة تمثل

<50 >