إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / تاريخ الأسَر الحاكمة في شبه الجزيرة العربية





وقفية محمد بن الإمام فيصل (1)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (2)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (3)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (4)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (5)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (6)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (7)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (8)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (1)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (2)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (3)
وقفية الجوهرة بنت الإمام فيصل
أمراء آل رشيد
حكام لحج
ختم سلطنة لحج بعد ضم الصبيحة

النواحي التسع
الجنوب العربي
اتحاد إمارات الجنوب العربي
جنوب شبه الجزيرة العربية
سلطنة لحج
سلطنة لحج بعد ضم الصبيحة



بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً: آل سعود

تأسيس الإمارة

تنتسب أسرة آل سعود إلى مانع المريدي من الدروع من بني حنيفة. ويرتبط تاريخهم منذ القدم بالمنطقة التي تكونت منها فيما بعد الدولة السعودية. فقد انتقل جدهم مانع المريدي بأسرته من شرقي شبه الجزيرة العربية إلى العارض في نجد بدعوة من ابن عمه ابن درع صاحب حجر والجزعة الذي منحهم موضعيّ المليبيد وغصيبة، فاستقر فيها مانع وأسرته، وأصبحتا بعد ذلك مناطق عامرة بالسكان والزراعة. وأنشأ في هذين المكانين بلدة قوية سميت بالدرعية نسبة إلى الدروع، واستمر أسلاف آل سعود في حكم هذه المنطقة منذ عام 850 هـ/1446م، إلى أن تولى إمارتها سعود بن محمد بن مقرن عام 1132هـ/1720م الذي نسبت إليه الأسرة فيما بعد.

سعود بن محمّد بن مقرن (1132 ـ 1137هـ) (1720 ـ 1725م)

لا يعرف على وجه التحديد التاريخ الذي ولد فيه سعود بن محمد بن مقرن، وإن كان من المرجح أن ولادته كانت في أواخر القرن الحادي عشر الهجري، والمعروف من أبناء سعود بن محمد أربعة هم: محمد، وثنيان، ومشاري، وفرحان.

توفي سعود بن محمد في شوال عام 1137هـ،/1725م، ولا تمدنا المصادر بمعلومات وافية عن الأعمال التي أنجزها.

زيد بن مرخان بن وطبان (1137 ـ 1139هـ) (1725 ـ 1726م)

تولى حكم الدرعية بعد وفاة سعود بن محمد لأنه كان أكبر رجال الأسرة سناً. وقُتل زيد في عام 1139هـ/1726م، ليتولى من بعده محمّد بن سعود بن مقرن.

الدولة السعودية الأولى

محمد بن سعود بن مقرن (1139 ـ 1179هـ) (1726 ـ 1765م)

ولد عام 1109 هـ/1697م، تولى الحكم بعد مقتل زيد بن مرخان في عام 1139هـ/1726م، ويعد المؤسس الحقيقي للدولة السعودية الأولى، وهو أول من لقب بالإمامة من حكام آل سعود.

وفي عام 1157هـ/ 1744م، قدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية تاركاً بلدته العيينة، فاستقبله محمد بن سعود وأكرم مثواه، وساند دعوته، وبايعه وتحالف معه على نصرته، وعلى الجهاد في سبيل الله لنشر الدعوة السلفية وإقامة الشرائع الإسلامية وعرف هذا التحالف باتفاق الدرعية، وهو الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى.

وشرع الإمام محمد بن سعود في اتخاذ إجراءات عسكرية منذ عام 1159هـ/1746م ضد معارضي الدعوة السلفية، وتوسعت حدود إمارة آل سعود حتى شملت معظم بلدان نجد.

وعرف الإمام محمد بن سعود بن محمد بالشجاعة والحزم. وتوفي عام 1179هـ/1765م في الدرعية.

عبد العزيز بن محمّد بن سعود (1179- 1218هـ) (1765-1803م):

ثاني الحكام في الدولة السعودية الأولى، وهو الابن الأكبر للإمام محمد بن سعود، ولد بالدرعية عام 1133هـ/1721م، ودرس على الشيخ محمّد بن عبد الوهاب العلوم الشرعية، وكان ولياً للعهد، وقائداً لجيش الدولة، في حياة والده، وتولى عبد العزيز الحكم بعد وفاة والده عام 1179هـ/1765م، فسار على نهج والده. يُعد الإمام عبد العزيز بن محمّد بن سعود، الباني الثاني للدولة السعودية الأولى لما أنجزه من أعمال كبيرة في سبيل بناء الدولة. واتسع نطاق الدولة في أيامه. ففي عهده سحق خصمه دهام بن دواس أمير الرياض، وانضمت الرياض إلى الدولة السعودية الأولى عام 1187هـ/1773م.

وحاربه رئيس نجران حسن بن هبة الله المكرمي فتغلب عبد العزيز عليه، وانضمت منطقة القصيم إلى الدولة في الفترة بين (1188-1202هـ) (1774-1787م)، ومنطقة الأحساء عام 1208هـ/1794م. كما نجح في الاستيلاء على الطائف عام 1217 هـ / 1802م، وتقدمت قواته إلى مكة عام 1217هـ/1803م، وضمت إلى نفوذ دولته غير أن الشريف غالب بن مساعد تمكن من استعادتها. وامتد نفوذه إلى جبل شمر ومنطقة عسير وباديتها. وكان مغواراً شديد البأس، لا يمل الحروب، ويباشر المعارك بنفسه، ويناصر الحق. كما اتصف الإمام عبد العزيز بن محمد بشدة التدين والخوف من الله عز وجل، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان عادلاً بين أهله وعشيرته، ويعطف على رعيته، وقد نعم الناس في عهده بالأمن والاستقرار.

قتل الإمام عبد العزيز عام 1218هـ/ 1803م غيلة أثناء تأديته لصلاة العصر بمسجد الطريف بالدرعية على يد رجل شيعي. 

سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود (1218- 1229هـ) (1803-1814م):

ثالث الحكام في الدولة السعودية الأولى. ولد في الدرعية عام 1161هـ/1748م ونشأ في رعاية والده الإمام عبد العزيز. ووالدته الجوهرة بنت عثمان بن حمد بن معمر ابنة أمير الدرعية السابق عثمان بن معمر الذي حكم في الفترة من 1142هـ/1729 إلى 1163هـ/1750م. ودرس سعود على يد الشيخ محمّد بن عبد الوهاب، وعلى أئمة الدعوة من تلاميذ ابن عبد الوهاب وكان على جانب كبير من العلم والأدب.

ورشحه الشيخ محمّد بن عبد الوهاب لتولي منصب ولاية العهد؛ ولقي الأمر قبولاً واستحساناً من لدن والده الإمام عبد العزيز بن محمّد، فبويع بولاية العهد عام 1202هـ/1788م. وكان قائداً كبيراً في الفتوحات في عهد والده عبد العزيز، وُليّ سعود الإمامة يوم مقتل أبيه بالدرعية عام 1218هـ/1803م. فكان عهده (1218 ـ 1229هـ) (1803 ـ 1814م)، العصر الذهبيّ للدولة، من حيث الأمن والاستقرار والقوة والاتساع. وجند جيشاً كبيراً أخضع به معظم شبه جزيرة العرب.

وتوسع الحكم السعودي في فترته بضم الحجاز، وأجزاء من مناطق الخليج. وامتدت الدولة في عهده شمالاً من حدود شواطئ الفرات وبادية الشام حتى أطراف عُمان ونجران واليمن في الجنوب. ومن الخليج في الشرق إلى البحر الأحمر في الغرب.

وبسبب ضمه للحجاز قامت الدولة العثمانية بتكليف واليها على مصر محمد علي باشا بإرسال حملة لاستعادة الحجاز، فأرسل محمد علي ابنه طوسون على رأس هذه الحملة التي تمكنت من استعادة المدينة ومكة عام 1227هـ/1812م، والطائف عام 1228هـ/1813م. وقد أحرزت القوات السعودية بعض الانتصارات على قوات محمّد علي، خاصة أثناء حملة طوسون.

انتهج الإمام سعود طريقة فريدة في الحكم عملت على استتباب الأمن في كل مناطق الدولة؛ ذلك أنه جعل كل أمير منطقة أو ناحية أو شيخ قبيلة مسؤولاً في المقام الأول المباشر عن الأمن في منطقته، وعلى الأمير أو الشيخ أن يتعاون مع أمراء المناطق المجاورة وشيوخها، ويتضامن معهم. كما أن الإمام سعوداً كان كثيراً ما يلجأ إلى الشورى الخاصة والعامة في حالات كثيرة في الحرب والسلم. ولقب الأمام سعود بالكبير لأنه توافرت فيه الصفات التي تؤهله لهذا اللقب، فقد كان على جانب كبير من العلم والأدب والشجاعة والفصاحة، كما كان موفقاً يقظاً، توفى الإمام سعود الكبير عام 1229هـ/1814م، فخلفه في الحكم والإمامة ابنه عبد الله بن سعود.

عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد (1229- 1233هـ) (1814-1818م):

رابع حكام الدولة السعودية الأولى، تولى الحكم عام 1229هـ/1814م، في ظروف حرجة تمر بها الدولة إذ كانت قوات محمد علي تواصل تقدمها في اتجاه نجد وعسير فحاول حصرها في منطقة الحجاز، إلا أن الظروف لم تمكنه من ذلك، حيث كان هناك فارق كبير بين قواته وقوات خصمه من حيث العتاد والسلاح والخطط الحربية والإمكانات المالية. مما مكن إبراهيم باشا بن محمّد علي باشا من السيطرة على بعض المدن والقرى إلى أن وصل إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، فحاصرها. ودافع الإمام عبد الله وقواته عن الدرعية دفاع الأبطال، واستبسلوا في المقاومة والصمود مدة زادت على ستة أشهر.

ولما أجهد الحصار الإمام عبد الله وقواته، اضطر إلى المصالحة والاستسلام لقائد الجيش المصري إبراهيم باشا في 8 ذي القعدة 1233هـ/ 10 سبتمبر 1818م. فأرسله إبراهيم باشا إلى مصر تحت حراسة مشددة، ووصل إلى القاهرة في 17 المحرم 1234هـ/ 16 نوفمبر 1818م، فأكرمه واليها محمد علي ووعده بالتوسط له عند حكومة الأستانة، وحمل الإمام عبد الله بن سعود ومعه اثنان من رجاله، إلى الآستانة، فوصلها في يوم 15 صفر 1234هـ/13 ديسمبر 1818م، فطيف بهم في شوارعها ثلاثة أيام متتالية ثم أُعدموا في ميدان مسجد (أيا صوفيا)، وظلت جثته معروضة بضعة أيام.

مشاري بن سعود بن عبد العزيز بن محمد (  1235هـ/1820م):

تولى الحكم عام 1235هـ/ 1820م، وكان قبل ذلك أسيراً لدى إبراهيم باشا، إلا أنه تمكن من الإفلات من حراسه في الطريق من المدينة المنورة إلى ينبع. فعاد إلى نجد ووصل إلى منطقة الوشم وجمع بعض أنصار آل سعود من مناطق نجد، ثم اتجه إلى الدرعية ودخلها، وكان حاكمها حينئذ محمد بن مشاري بن معمر الذي حكم الدرعية بعد انسحاب قوات محمد علي منها معتمداً على صلته بآل سعود من جهة أمه، وكونه من أسرة حاكمة من قبل، إضافة إلى ثرائه وامتلاكه الكثير من السلاح، وفوق كل ذلك عدم وجود أحد من سلالة سعود بن عبدالعزيز. ومع قدوم مشاري بن سعود تنازل له محمد بن مشاري بن معمر عن غير قناعة. وبايع السكان مشاري بن سعود بالحكم، في جمادى الآخرة 1235هـ / مارس 1820م، واستتب له الأمر، وعين تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود أميراً على الرياض. وقدمت عليه الوفود من مناطق الوشم والمحمل وسدير وغيرها معلنة له التأييد، واستطاع ضم منطقة الخرج إلى إمارته.

وفي هذه الأثناء ظل محمد بن معمر غير قانع بتنازله، وظل متطلعاً إلى السلطة، فخرج من الدرعية وتوجه إلى سدوس بحجة زيارة أقاربه، واستطاع تجميع أنصاره مُؤيداً من فيصل الدويش شيخ مطير، كما أرسل ابن معمر رسائل إلى آبوش أغا القائد العثماني في عنيزة طالباً منه العون ضد مشاري بن سعود، مقابل تبعيته للدولة العثمانية وطاعته لأوامرها، واستطاع أن يكسب عون وتأييد آبوش أغا. وتوجه إلى الدرعية وهاجمها، وتمكن من دخولها، وقبض على مشاري بن سعود وأرسله إلى سدوس، فسلمه أتباعه إلى آبوش آغا الذي سجنه في عنيزة، ومات مشاري بن سعود في سجنه. وبموت مشاري بن سعود تنتهي المحاولة الأولى لإعادة الدولة السعودية.

الدولة السعودية الثانية:

تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود(1240- 1249هـ) (1825-1834م)

مؤسس الدولة السعودية الثانية، وهو جد الحكام السعوديين الحاليين؛ فقد تسلسل الحكم في أبنائه وأحفاده.

والإمام تركي هو أول من تولى الحكم من فرع عبد الله بن محمد بن سعود، حيث كان الحكم قبله من فرع عبد العزيز بن محمد بن سعود. ولد الإمام تركي على وجه التقريب عام 1183هـ/1769م في الدرعية، ونشأ فيها وتعلم وشارك في الحياة العامة في إطار أسرته. أسس الدولة بعد أن تمكن من إنهاء حكم مشاري بن محمد بن معمر الذي انتزع الحكم من الأمير مشاري بن سعود، فقاد قوة وتوجه بها إلى الدرعية، وقبض على محمد بن مشاري بن معمر، ثم توجه بعد ذلك إلى الرياض وألقى القبض على ابنه مشاري بن محمد بن مشاري بن معمر، وتولى الحكم في المنطقة متخذاً من الرياض عاصمة ومركزاً للحكم السعودي الجديد عام (1236هـ / 1821م)، واشترط تركي على ابن معمر وابنه، أن يأمرا بإطلاق سراح ابن عمه مشاري بن سعود بن عبد العزيز المسجون في سدوس وإلا قتلهما. ولكن أتباع ابن معمر خافوا من انتقام العثمانيين فسلموهم مشاري بن سعود، فقام خليل أغا القائد العثماني في سدوس بإرساله إلى القيادة العثمانية في عنيزة، وهناك وضع في السجن العثماني، وتوفي مشاري بن سعود فيه عام 1236هـ / 1820م. أما محمد بن معمر وابنه مشاري فقد قتلهما الإمام تركي، لأنهما تسببا في موت الأمير مشاري بن سعود.

وقد حاول فيصل الدويش شيخ مطير ومعه مجموعة من القوات العثمانية المرابطة في عنيزة من محاصرة الرياض، إلا أن تركي بن عبد الله صمد هو وجماعته في وجه الحصار، الذي فشل. ثم قام محمد علي باشا بمحاولة أخرى لإنهاء الوجود السعودي في نجد، فوجه قوة بقيادة حسين بك إلى نجد، لتنضم للقوات العثمانية المرابطة في القصيم، لكي تهاجم وتقوض دعائم المقاومة السعودية التي يقودها تركي بن عبد الله. وتوجهت القوات جميعها إلى الرياض. وعندما وصلت تلك القوات إلى الوشم كلف حسين بك أحد ضباطه وهو آبوش أغا بالتوجه إلى الرياض ومحاصرتها، وإلقاء القبض على تركي بن عبد الله، فحاصر الرياض، مما اضطر تركي بن عبد الله أن يخرج سراً من الرياض، قاصداً جنوبها، لتجميع أنصاره لمقاومة العثمانيين.

وفي عام 1238هـ / 1823م شرع تركي بن عبد الله في تنظيم مقاومة ضد المصريين، وفي عام 1239هـ/1824م تمكن من إجبار القوات العثمانية المصرية على الجلاء عن الرياض ومنفوحة. واستقر تركي بن عبدالله في الرياض عام 1240هـ/1825م، وكان ذلك بداية توحيد البلاد. وفي ذات الوقت ثار سكان نجد ضد الحاميات العثمانية المصرية في بلدانهم وأجبروها على الرحيل إلى الحجاز. فتحقق بذلك مساندة كبيرة لمشروع تركي بن عبد الله، الرامي إلى توحيد البلاد، وتكوين الدولة السعودية من جديد. 

ولم ينته عام 1242هـ / 1827م، حتى كانت مناطق نجد كلها تؤيد الإمام تركي بن عبد الله وتبايعه على إمامة الدولة السعودية الجديدة. وتابع الإمام جهوده محاولاً استعادة المناطق التي كانت تابعة لدولة أجداده غير إقليم نجد، فاستطاع ضم منطقة الأحساء بكاملها، وبعض بلدان الخليج، وأيده سكان البادية ودفعوا له الزكاة دلالة على التبعية لحكمه وسيادته. وبذلك استطاع أن يقيم الحكم السعودي الجديد، وينشر الأمن والاستقرار في ربوع البلاد.

توفي الإمام تركي بن عبد الله إثر مؤامرة دبرها لقتله ابن أخته مشاري بن عبد الرحمن آل سعود عام 1249هـ/1834م. وبعد وفاة الإمام تركي بن عبد الله أعلن مشاري بن عبد الرحمن آل سعود نفسه أميراً على الرياض.

ووصف ابن بشر الإمام تركي بن عبدالله قائلاً: "كان ذا رأي وشجاعة وفطنة وبراعة وحلم وأناءة... مع تواضع للأرامل واليتامى والمساكين في هيبة جعلها الله عليه، ومحبة في القلوب مصروفة إليه... وكان اليتامى من كل بلد عنده في قصره، وكل أرملة ومنقطع يحسن إليه ويبره".

فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود (1250 ـ 1254هـ) (1834 ـ 1838م):

ولد الإمام فيصل بن تركي على وجه الترجيح عام 1205هـ/1790م في الدرعية. نشأ فيها وتعلم على أساس مبادئ الدعوة السلفية، واعتنى والده الإمام تركي بن عبدالله بتعليمه، فحفظ القرآن عن ظهر قلب وهو صغير، كما اهتم والده بتدريبه على الأمور التي تتصل بالنواحي الحربية مثل الفروسية والرماية ونحوهما، شارك في حرب الدرعية حيث كان من ضمن المدافعين عنها عندما حاصرها إبراهيم باشا بقواته عام 1233هـ/1818م فقد كان موجوداً إلى جانب والده. وكان من بين الأسرى السعوديين الذين رحلهم إبراهيم باشا إلى القاهرة بعد احتلال قواته الدرعية والقضاء على الدولة السعودية الأولى عام (1233هـ / 1818م)، وظل فيها إلى أن تمكن من العودة إلى نجد، فساعد والده تركي بن عبد الله آل سعود في بناء الدولة السعودية الثانية، فكان يقود القوات ضد المعارضين والمتمردين لحكم أبيه، كما كان يتولى شؤون الحكم والإدارة أثناء غياب والده، وكان فيصل بن تركي في شرق شبه الجزيرة العربية يعمل على إنهاء ثورة العمائر من بني خالد، وهناك وصله خبر مقتل والده على يد مشاري بن عبدالرحمن، فجمع كبار قادته، وأطلعهم على ما حدث، فاستقر رأيهم على مبايعته بالإمامة، والتوجه فوراً إلى الرياض لاستعادة مقاليد الحكم. وتمكن فيصل بن تركي من القضاء على مشاري بن عبد الرحمن آل سعود الذي لم يحكم سوي أربعين يوماً فقط. وبذلك استطاع فيصل بن تركي أن يتسلم مقاليد الحكم، وبايعه الأهالي، وبدأت فترة حكمه الأولى في11 صفر 1250هـ / 18 يونيه 1834م. وبذل فيصل بن تركي أقصى جهده من أجل تثبيت دعائم الحكم السعودي في البلاد السعودية، التي كانت تابعة لحكم والده الإمام تركي بن عبد الله آل سعود.

وقد لاقى مشروع الإمام فيصل لتثبيت الدولة السعودية الثانية، تعارضاً مع خطة محمد علي باشا للسيطرة على شبه الجزيرة العربية التي كانت من ضمن مشروعه الكبير، بعد انفصاله عن الدولة العثمانية.

فأرسل محمد علي باشا حملة عسكرية قوية على نجد بقيادة إسماعيل بك عام 1252هـ/1836م، ورافقه فيها الأمير خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود، الذي أقام في مصر لمدة تزيد على 18 سنة، أنعم عليه خلالها برتبة قائمقامية، وقد أراد محمد علي باشا من وراء ذلك، أن يقنع الأهالي في نجد بأن السلطة الجديدة هي سلطة محلية وطنية. وقد حاول فيصل بن تركي مقاومة الحملة العسكرية ووقف زحفها، إلا أنه لم يتمكن، خاصة وأن محمد علي باشا عزز قواته بحملة أخرى، بقيادة القائد العسكري المحنك خورشيد باشا. وقد تمكنت تلك الحملة من مهمتها، فاستولت على البلاد النجدية عدا الأجزاء الجنوبية من الإقليم، واضطر الإمام فيصل بن تركي إلى التسليم والموافقة على الذهاب إلى مصر، شرط أن يؤمن قائد الحملة العسكرية أتباع فيصل على أرواحهم وأموالهم. وغادر الإمام فيصل الدلم برفقة فرقة عسكرية متوجهاً إلى المدينة المنورة ثم إلى مصر في 2 شوال 1254هـ/18 ديسمبر 1838م، منهياً بذلك فترته الأولى في الحكم.

خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (1254 ـ 1257هـ/1838 ـ 1841م)

تولى الحكم بمباركة وتأييد مطلق من محمد علي باشا، و عندما بدأت أوروبا تتخوف من توسعات محمد علي باشا، عملت على وقف نشاطه التوسعي، وتحديد دائرة نفوذه في ولاية مصر فقط. واضطرته إلى سحب قواته من الجزيرة العربية، وأبقي خورشيد باشا خالد بن سعود على حكم البلاد النجدية، في ظل السيادة المصرية عام 1254هـ / 1838م، وترك معه عدداً قليلاً من الجنود من أجل حمايته ودعمه. واختلف حكم خالد بن سعود، في نمطه وأسلوبه ونهجه، عن أسلوب الحكم السعودي المتعارف عليه في البلاد، ولم يلق تأييد الأهالي، بل نفروا منه، وأيدوا الأمير عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن، الذي تصدى لحكم خالد بن سعود. وانتهى الأمر بفرار خالد، إلى الاحساء في شوال 1257هـ / 1841م، حيث أخفق في تجميع قوة تقف معه في وجه ابن ثنيان، فذهب إلى الحجاز، وأقام في مكة المكرمة. وتوفى فيها في عام 1276هـ/1859م.

عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن (1257 ـ 1259هـ/1841 ـ 1843م)

تسلم الحكم في نجد خلال الفترة من (شوال 1257/1841م إلى ربيع الآخر 1259هـ/1843م)، واستمر لمدة عامين فقط. واتصف حكمه بالقوة والشدة وكثرة الإجراءات التأديبية، مما سبب نقمة عليه من جانب عدد كبير من الأهالي، وفي هذه الأثناء نجح الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله في الخروج من مصر، وسار إلى حائل، وأقام عند عبد الله بن رشيد، وبعث برسائل إلى أمراء البلدان والزعماء وشيوخ القبائل، ولقي من معظمهم كل ود وترحيب ومساعدة وتأييد ضد عبد الله بن ثنيان، مما أضعف موقف ابن ثنيان الذي أصر على مخاصمة فيصل وحربه أملاً في البقاء في الحكم، إلا أن النهاية كانت لفيصل بن تركي الذي انتصر عليه بعد أن حاصره في قصر الحكم داخل الرياض، وقبض عليه وأودعه السجن، ليموت فيه.

فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود (1259 ـ 1282هـ/1843 ـ 1865م)

بإقصاء الإمام فيصل بن تركي عبدالله بن ثنيان عن الحكم تبدأ الفترة الثانية من حكمه، التي استمرت ثلاثة وعشرين عاماً (ربيع الآخر 1259/ مايو 1843 ـ رجب 1282هـ/ نوفمبر 1865م)، تمكن خلالها من قمع حركات التمرد والقضاء على القلاقل والاضطرابات. وأقام علاقات ودية مع الدولة العثمانية، والحكومة المصرية. ونظم شؤون دولته، وأرسى قواعد الأمن والاستقرار فيها، وعمل على تقوية شأن الرياض باعتبارها عاصمة لدولته، ودانت له الأحساء والقصيم والعارض حتى أطراف الحجاز وعسير، وتوفي بالرياض، في شهر رجب عام 1282هـ / 1865م.

وصفه ابن بشر بأنه: "له مع ربه سر يلتجى في الشدايد إليه، وثقة به في كل نازلة يرجوه ويعول عليه، وقد كان حفظ القرآن على ظهر قلبه، وهو صغير وحافظ على تلاوته والتهجد به شاب وكبير، وكان له حظ من الليل والقيام به وكثير التضرع والابتهال عند خالقه وباريه، فكم حامت عليه حوايم الخطوب والآفات... فيعجل الله من ذلك بفرج قريب".

كما أبدى الإمام فيصل بن تركي اهتماماً بالنواحي العلمية والثقافية، وغرس في أبنائه وبناته العناية بهما، ويشير ابن بشر إلى ذلك قائلاً: "أصلح الله له ذريته ـ أي الإمام فيصل ـ وأعطاه فيهم أمنيته، فحفظوا القرآن على صدورهم، دأبوا في تحصيل التعلم في آصالهم وبكورهم، ولهم معرفة في العلوم الشرعية وآثار السلف، وجمعوا كتباً كثيرة بالشراء والاستكتاب من كتب الحديث والتفسير وكتب الأصحاب". ويؤكد قول ابن بشر مجموعة من المخطوطات المحفوظة اليوم في مكتبة الملك فهد الوطنية التي تحتوي على وقفيات بأسماء ابنه محمد وابنتيه نورة والجوهرة. (انظر أشكال الوقفيات).

عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله (1282 ـ 1288هـ/1865 ـ 1871م):

الابن الأكبر للإمام فيصل بن تركي، ولد على وجه الترجيح في عام 1247هـ/1831م، اعتماداً على ما جاء في إحدى رسائل محمد خورشيد باشا إلى محمد علي في 21 المحرم 1255هـ/ 6 أبريل 1839م يذكر فيها ابني الإمام فيصل بن تركي، عبدالله ومحمد حيث أوضح أن الأول في الثامنة من عمره، والآخر في السابعة، ووالدته منيرة بنت مشاري بن حسن آل سعود.

كان عبدالله ساعد والده الأيمن في قيادة المعارك وإدارة شؤون البلاد، ولهذا اختاره ولياً لعهده. وفي أواخر حياة والده تسلم العبء الأكبر من السلطة، بعد أن أسند له ذلك نتيجة مرض والده وكبر سنه، وكان يعاونه شقيقه محمد بن فيصل في ذلك.

وبعد وفاة الإمام فيصل بن تركي في رجب 1282هـ/ نوفمبر 1865م بويع عبدالله خلفاً له، فنظم أمور الدولة. إلا أنه دخل في خلاف شديد مع أخيه سعود الذي كان ينافسه منذ حياة والده، وكان سعود أميراً على الخرج ولاه والده عليها في عام 1263هـ/1846م وظل في إمارته مما أكسبه قاعدة شعبية في تلك المنطقة استفاد منها فيما بعد في خلافه مع أخيه عبدالله، وبسبب هذا الخلاف نشبت معارك عديدة بين الاثنين، كان منها معركة ماء جودة في عام 1287هـ/1870م التي انتصر فيها سعود واستولى على الأحساء، وفي العام التالي واصل تقدمه فاستولى على الرياض، في المحرم 1288هـ / مارس 1871م، وكان أخاه عبد الله قد خرج من الرياض إلى مضارب قحطان.

سعود بن فيصل بن تركي بن عبدالله (1288 ـ 1291هـ / 1871 ـ 1875م). 

انتزع الحكم من أخيه وأخذ البيعة من سكان الرياض، وبدأت ولايته في المحرم 1288 هـ/ مارس 1871م، ولما استقر في الرياض جهز قواته لمواجهة أخيه عبدالله، ودارت بينهما معركة في البرة، وانهزم عبدالله ومن معه من قحطان، فلجأ عبد الله إلى العثمانيين في بغداد، وانتهزت الدولة العثمانية هذه الفرصة التي سنحت لها بالقتال الدائر بين الأخوين، فأرسل مدحت باشا حملة عسكرية قوية عام 1288هـ/ 1871م، إلى منطقة الأحساء، واستولت عليها وأطلقت عليها اسم ولاية نجد، وكان مدحت باشا قد وعد الإمام عبد الله بن فيصل بتعينه قائم مقام على نجد ولكنه أخلف وعده، وقد ترتب على هذه الحملة انسلاخ الأحساء عن الدولة السعودية الثانية. فزادها ضعفاً، واستفاد محمد بن عبدالله بن رشيد أمير حائل من الصراع بين الأخوين فأخذ يوسع دائرة نفوذه لحساب إمارته.

وفي ذي الحجة 1291هـ / يناير 1875م، مات سعود.

عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله (1291 ـ 1293هـ/ 1875 ـ 1876م)

ولد عام 1266هـ/ 1850م[1]، ووالدته هي سارة بنت مشاري بن عبدالرحمن آل سعود، نشأ في الرياض، وحظي بقسط طيب من التعليم اعتماداً على عناية والده الإمام فيصل بن تركي بهذا الجانب.

بدأت فترة حكمه الأولى عندما مات أخوه سعود بن فيصل في ذي الحجة 1291هـ/يناير 1875م في الرياض إذ بايعه الأهالي فيها بالإمارة، واستمر في الحكم سنتين، ثم تنازل عن الإمامة لأخيه عبدالله بن فيصل في عام 1293هـ/1876م.

عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبدالله (1293 ـ 1305هـ/ 1876 ـ 1887م)

عندما توفي سعود بن فيصل كان عبدالله في ديار عتيبة، فلما علم بوفاة أخيه، زحف إلى الرياض، التي كان يحكمها حينئذ أخوه عبدالرحمن بن فيصل، فتنازل عن الإمامة لأخيه عبد الله، عام 1293هـ، / 1876م، ودخل الرياض. فثار عليه أبناء أخيه سعود، وهاجموا الرياض فظفروا بعَمْهِمْ عبد الله عام 1305هـ،/ 1887م وحبسوه فيها[2]. فدبت الفوضى فهاجم محمد بن رشيد الرياض، واستولى عليها، وأخرج أبناء سعود إلى الخرج، كما أخرج الإمام عبدالله بن فيصل من سجنه وصحبه مع أخيه عبدالرحمن إلى حائل، وعين سالم بن سبهان أميراً على الرياض من قبله.

وبقي عبدالله بن فيصل في حائل مدة عامين، ثم عاد إلى الرياض حيث توفي بعد فترة وجيزة من عودته عام 1307هـ/1889م، وترك من الأبناء ثلاثة، ولداً واحداً وبنتين: تركي الذي توفي ولم يعقب نسلاً وبذلك انقطع نسل الإمام عبدالله، وطريفة وسارة، والأخيرة تزوجها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن.

عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله (1307 ـ 1309/1889 ـ 1891م)

آخر حكام الدولة السعودية الثانية، بعد وفاة الإمام عبدالله بن فيصل عام 1307هـ/1889م بايع الناس في الرياض أخاه عبد الرحمن بن فيصل، وبذلك تبدأ فترة حكمه الثانية، وعلم الإمام عبد الرحمن أن ابن سبهان حاكم آل رشيد يدبر مذبحة لآل سعود فسجنه عبد الرحمن بن فيصل. فهاجمه محمد بن رشيد انتصاراً لعامله ابن سبهان، وحاصر الرياض لمدة شهر أو يزيد، فثبت له أهل الرياض بزعامة عبد الرحمن، فلم يتمكن من دخولها. وطلب ابن رشيد وفداً للتفاوض حول الصلح، فجاءه وفد مكون من محمد بن فيصل أخي الإمام عبد الرحمن، والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخ حمد بن فارس، ومعهم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ـ الملك عبد العزيز فيما بعد ـ واتفقوا على أن يطلق سراح سالم بن سهبان على أن تكون العارض تابعة لآل سعود بزعامة عبد الرحمن بن فيصل، وأطلق سراح ابن سهبان ورحل إلى حائل. وصفا الجو لعبد الرحمن مدة قليلة. بعدها هاجم محمد بن عبد الله بن الرشيد القصيم، ووقعت معركة المليداء المشهورة (1308هـ/1891م)، والتي هزم فيها ابن رشيد أهالي القصيم، وعزم على التقدم نحو الرياض لاستخلاصها من عبدالرحمن بن فيصل، فلما بلغ الأمر الإمام عبدالرحمن وجد أنه ليس في مقدوره التصدي لابن رشيد وقواته، فخرج عن الرياض مع أهله (1308هـ / 1891م) إلى صحراء الدهناء، وتنقل في البادية، وبعد أن حصل على إذن من أمير البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أرسل النساء إلى البحرين.

وكان ابن رشيد قد عين محمد بن فيصل بن تركي على الرياض، فحاول عبد الرحمن بن فيصل ومعه المؤيدون العودة إلى الرياض واسترداد الحكم، فدخلها سلماً، فزحف ابن رشيد بجيش قوي على الرياض، واستطاع هزيمة قوات عبد الرحمن في وقعة حريملاء عام 1309هـ/ 1891م، وعلى أثر ذلك عاد عبد الرحمن إلى البادية ولحق به ابنه عبدالعزيز، ومكث بها لمدة سبعة أشهر، حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالإقامة في الكويت. وعندئذ انتقل عبد الرحمن ومعه آل سعود الذين كانوا في قطر للإقامة في الكويت عام 1310هـ / 1892م، التي استقر بها نحو عشر سنوات. وخلال فترة وجوده في الكويت شارك الشيخ مبارك الصباح في حروبه ضد آل رشيد في وقعة الصريف في 17 ذي القعدة 1318هـ/ 7 مارس 1901م.

وتوفي الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود في مدينة الرياض في عام 1346هـ/1928م.

الدولة السعودية المعاصرة

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (1319 ـ 1373هـ) (1902 ـ 1953م):

مؤسس الدولة السعودية الحديثة ملك المملكة العربية السعودية.

ولد الملك عبد العزيز في مدينة الرياض عام 1293هـ،1876م، ووالدته سارة بنت أحمد بن محمد السديري، كان والدها أميراً على الأحساء من قبل الإمام فيصل بن تركي، كما كان لإخوتها إسهامهم في خدمة الدولة السعودية الثانية، عرفت سارة بأنها كانت أكمل النساء عقلاً وتدبيراً. ونشأ عبدالعزيز تحت رعاية والده، وتعلمّ القراءة والكتابة على يد الشيخ القاضي عبد الله الخرجي من علماء الرياض فحفظ بعضاً من سور القرآن المجيد، ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، كما درس جانباً من أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ. خرج مع والده في أعقاب موقعة المليداء (1308هـ/1891م) متوجهين إلى شرق شبه الجزيرة العربية، واختلط في فترة الانتقال بأبناء قبائل العجمان وآل مرة، ومن المؤكد أنه اكتسب خلال تلك الفترة ميزة تحمل المسؤولية والصبر، ثم انتقل بنساء أسرته إلى البحرين بتكليف من والده.

ثم استقر الملك عبد العزيز مع أبيه في الكويت. ومرّ خلال إقامته بالكويت بتجربة سياسية كبيرة بحكم علاقته بالشيخ مبارك بن صباح؛ فكان عبدالعزيز يتابع بوعي وانتباه الطريقة التي يدير بها مبارك شؤون مشيخته، ويصغي لما كان يدور في مجلسه من أحاديث، ويتفق كل من كتب عن حياة الملك عبدالعزيز فيما بعد على أن تأثير إقامته في الكويت عليه كان كبيراً، لدرجة يصفون فيها الكويت بأنها كانت المدرسة التي تلقى فيها فن السياسة عملياً، واستفاد من تجاربه هناك دروساً أعانته في المستقبل من أيام حياته. وكان عبدالعزيز يخطط لاستعادة ملك آبائه وأجداده، وكانت أول محاولة بذلها في عام 1318هـ، 1901م لاستعادة الرياض، في الوقت الذي كان فيه الشيخ مبارك الصباح شيخ الكويت ومعه عبد الرحمن بن فيصل يحاربان عبدالعزيز بن متعب بن رشيد في موقعة الصريف في 26 ذي القعدة 1318هـ/ 17 مارس 1901م، وفيها انهزمت القوات الكويتية الأمر الذي ترتب عليه انسحاب الملك عبد العزيز آل سعود من الرياض.

وفي عام 1319هـ/ 1902م، نجح عبد العزيز في استعادة الرياض عندما دخلها وقتل أميرها من قبل ابن رشيد، عجلان بن محمد، في 5 شوال 1319هـ/ 15 يناير 1902م، وبعد استسلام الحامية التابعة لآل رشيد نودي بأن المُلْك لله ثم لعبد العزيز آل سعود. وبهذا الحدث تحقق جزء من حلم عبدالعزيز في استعادة ملك آبائه وأجداده، وشرع في وضع أساس الدولة السعودية الحديثة.

وتأكيداً لدوره واعترافاً بقدراته، تنازل له والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل عن الحكم والإمامة، وتمت البيعة له في اجتماع حضره العلماء وأعيان الرياض في المسجد الكبير بالرياض عام 1320هـ/1902م.

شرع الملك عبد العزيز في توحيد مناطق نجد تدريجياً فبدأ في الفترة (1320هـ ـ 1321هـ/1902 ـ 1903م) بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره على ابن رشيد في بلدة الدلم القريبة من الخرج، فدانت له كل بلدان الجنوب، الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر.

ثم توجه إلى منطقة الوشم وحارب ابن رشيد وانتصر عليه، ودخل بلدة شقراء، ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضاً، ثم توجه إلى منطقة سدير ودخل بلدة المجمعة، وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبد العزيز من توحيد مناطق : الوشم والمحمل وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة.

وتمكن الملك عبد العزيز في الفترة (1321 ـ 1324هـ/1903 ـ 1906م) من توحيد منطقة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية، بعد أن خاض مجموعة من المعارك ضد ابن رشيد وأنصاره العثمانيين، منها معركة الفيضة في 18 ذي الحجة 1321هـ/ 10 مارس 1904م، ومعركة البكيرية في الأول من ربيع الثاني 1322هـ/ 16 مايو 1904م، ومعركة الشنانة في 18 رجب 1322هـ/ 29 سبتمبر 1904م، وانتصاره في معركة روضة مهنا في 18 صفر 1324هـ/ 14 أبريل 1906م، وهي إحدى المعارك الكبرى الحاسمة، والتي قتل فيها الأمير عبد العزيز بن متعب بن عبد الله بن رشيد.

وفي 5 جمادى الأولى 1331هـ، 13 أبريل 1913م، استعاد الملك عبد العزيز منطقة الأحساء بكاملها، ورحّل الحاميات العثمانية التي كانت موجودة فيها إلى البصرة، وأقرّ العثمانيون بالأمر الواقع، وفاوضوا الملك عبد العزيز واعترفوا به رسمياً واليّا على نجد، ومتصرفاً على الأحساء وأهدوه النيشان العثماني الأول، ورتبه الوزارة في أواخر عام 1332هـ، أوائل 1914م. ولقبوه بصاحب الدولة. إلا أن هذا الاتفاق وهذا التقارب العثماني تجاه الملك عبد العزيز لم يخرجا إلى حيز التنفيذ، بل ظلا مجرد حبر على ورق.

وأفاد الملك عبد العزيز كثيراً من عودة منطقة الأحساء إلى دولته، لأنه قد وسّع بذلك حدود دولته لتشمل جزءاً مهماً من شبه الجزيرة العربية يطل على ساحل الخليج العربي، وله أهميته السياسية والاقتصادية والتجارية، وأصبح للدولة منفذ بحري أخرجها من عزلتها وانغلاقها داخل الأراضي النجدية.

وفي عام 1339هـ/ 1920م، تمكن الملك عبد العزيز من ضم منطقة عسير إلى أجزاء دولته منهياً حكم آل عائض.

وفي العام نفسه عقد مؤتمر في الرياض حضره الأمراء والعلماء ورجال الدولة وشيوخ العشائر وغيرهم، قرروا فيه بالإجماع أن يكون لقب الملك عبد العزيز الرسمي هو: (سلطان نجد وملحقاتها).

وفي 29 صفر1340 هـ/ 2 نوفمبر 1921م، ضم الملك عبد العزيز منطقة جبل شمّر ومدينة حائل بعد عدة مناوشات مع قوات آل رشيد.

كما نجح الملك عبد العزيز في ضم منطقة الحجاز إلى مناطق حكمه بعد معارك خاضتها القوات السعودية ضد قوات الأشراف، وكانت البداية دخول قواته الطائف في 7 صفر 1343هـ، 6 سبتمبر 1924م، وتنازل بعدها الشريف حسين بن على لابنه الشريف على في 4 ربيع الأول 1343هـ/ 2 أكتوبر 1924م.

وقد واصل السعوديون زحفهم باتجاه مكة المكرمة فدخلوها سلماً، منكسي أسلحتهم وهم محرمون وذلك  في 17 ربيع الأول 1343هـ، 15 أكتوبر 1924م، في الوقت الذي انتقل فيه الملك علي بن الحسين إلى جدة حيث تحصن بها، وفي هذه الأثناء نجح السعوديون في ضم موانئ القنفذة والليث ورابغ، وقد فرض الملك عبدالعزيز حصاراً على جدة والمدينة المنورة، واستسلمت حامية المدينة المنورة في 19 جمادى الأولى 1344هـ، 4 ديسمبر 1925م، ومدينة جدة قي 6 جمادى الآخرة 1344هـ، 22 ديسمبر 1925م. بعد أن استسلم الملك علي بن الحسين وغادر البلاد، وانتهى بذلك حكم الأشراف في الحجاز.

وفي عام 1344هـ/1926م لقب الملك عبدالعزيز بلقب "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها".

وفي عام 1345هـ، 1927م، لقب الملك عبد العزيز بلقب (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها).

وفي عام 1351هـ، 1932م، تمكن الملك عبد العزيز من توحيد إمارة الأدارسة في منطقة المخلاف السليماني (جيزان) حيث أصبحت جزءاً من الدولة السعودية الحديثة.

وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ/18 سبتمبر 1932، صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية"، وأن يصبح لقب الملك عبد العزيز "ملك المملكة العربية السعودية". واختير الأول من الميزان الموافق لـ 21 جمادى الأولى 1351 هـ/22سبتمبر 1932، يوماً لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية. 

وفي إطار التنظيم الحديث للدولة ومؤسساتها، حدد شعارها بسيفين متقاطعين بينهما نخلة، وللعلم اختير اللون الأخضر داخل مستطيل في وسطه كلمة التوحيد "لا إله إلاّ اللّه محمد رسول الله" باللون الأبيض، وتحتها سيف باللون الأبيض.

أما التطوير الإداري فإن من أهم ملامحه توزيع المسؤوليات في الدولة بإنشاء منصب النائب العام في الحجاز، وإسناد مهامه إلى الأمير فيصل بن عبدالعزيز، في عام 1344هـ/1926م، كما أنشئ مجلس الشورى، وأسندت رئاسته للأمير فيصل بن عبدالعزيز نفسه. وفي 19 شعبان 1350هـ، 30 ديسمبر 1931م، صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وبموجبه ألغيت النيابة العامة، وأسندت اختصاصاتها إلى وزارة الداخلية التي تولاها الأمير فيصل بن عبدالعزيز، ونص نظام المجلس على أن يكون برئاسة وزير الداخلية وعضوية وكيل وزارة الخارجية ووكيل وكالة المالية، ووكيل مجلس الشورى. وأسند إليهم مسؤولية تسيير السياسة العامة للدولة، وعقد جلسة يومية بحضور أغلبية الأعضاء، واستمر هذا المجلس يمارس أعماله لثلاثة وعشرين عاماً في منطقة الحجاز فقط. وأنشأ الملك عبد العزيز عدداً من الوزارات، وأقام الملك عبدالعزيز علاقات دبلوماسية مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية والأجنبية، منها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وفرنسا وإيطاليا ومصر وسورية ولبنان وتركيا وباكستان وأندونيسيا. وفق التمثيل السياسيّ الدولي المتعارف عليه رسمياً، وعين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية. كما اهتم كثيراً بدعم الحركات التحريرية العربية والإسلامية، ودعم القضية الفلسطينية. ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ/ 1945م، كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة. وناصر جميع قضايا العالمين العربي والإسلامي بالدعم والمشورة والتأييد في المحافل الدولية والإقليمية. وانضمت المملكة إلى هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها في عام 1364هـ/1945م.

ومن منجزاته إنشاء الهجر لاستيعاب أبناء البادية الذين مارسوا فيها حياة مستقرة بعيداً عن حياة التنقل والترحال. وجعل منهم نواة جيشه النظامي.

ووجه الملك عبد العزيز عنايته بالتعليم فأسس في عام 1344هـ/1926م مديرية المعارف للإشراف على مختلف شؤون التربية والتعليم. وشجع طباعة الكتب ـ خاصة الكتب العربية والإسلامية، التي بلغ عددها كما جاء في دليل المؤلفات السعودية الصادر عن وزارة المعارف عام 1384هـ/1964م اثنين وسبعين كتاباً طبعت جميعاً على نفقته في الهند ومصر. وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 1344هـ، وزوّدها بالإمكانات والصلاحيات.

واهتم بالمجال الإعلامي، فأسس صحيفة "أم القرى" عام 1343هـ/1924م، لتكون وسيلة لبث الأخبار عن نشاطات الحكومة والرد على وسائل الإعلام الأخرى المضادة، وصدر العدد الأول منها في 15 جمادى الأولى 1343هـ/12 ديسمبر 1924. وفي عام 1368هـ/1949م افتتحت الإذاعة السعودية نافذة إعلامية جديدة.

ومن أهم الأمور المؤثرة في عهد الملك عبدالعزيز توقيعه اتفاقية التنقيب عن النفط في شرق المملكة العربية السعودية مع شركة "ستاندرد أويل أف كاليفورنيا" في عام 1352هـ/1933م، وبدأ الإنتاج الفعلي للنفط في عام 1357هـ/1938م، مما ساعد على تنمية موارد الدولة، والتوسع في الإنفاق على الأمور الإنشائية والبنية التحتية. ولتنظيم العلاقات المالية بين المملكة ودول العالم، أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي في عام 1371هـ/1951م، وأدى توفر السيولة النقدية بسبب التوسع في استخراج النفط إلى قيام مشاريع إصلاحية، منها توسعة الحرم المدني الشريف في عام 1370هـ/1951م، والاهتمام بمرافق الحج. وشراء الآلات الزراعية، وتوزيعها على الفلاحين للنهوض بالزراعة، وإنشاء الطرق البرية المعبدة، ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام بالمنطقة الشرقية، وربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني، ومدّ خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر المتوسط، والاهتمام بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة. ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع.

تُوفي الملك عبد العزيز عام 1373هـ/ 1953م، في مدينة الطائف، ونقل جثمانه إلى الرياض، حيث دفن في مقبرة (العود) مع أسلافه من آل سعود، وكان قد ناهز الثمانين عاماً، أمضى منها في الحكم أربعة وخمسين عاماً.

الملوك بعد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

1. سعود بن عبد العزيز آل سعود (1373ـ 1384هـ)(1953 ـ 1964م)

ثاني ملوك المملكة العربية السعودية. ولد في الكويت عام (1319هـ ـ 1902)، وهي السنة التي استعاد فيها والده (الملك عبد العزيز) مدينة الرياض من آل رشيد، ووالدته وضحى بنت محمد بن عريعر. وانتقل سعود مع أفراد أسرته من الكويت إلى الرياض بعد استعادتها، وفيها حفظ القرآن على يد الشيخ عبدالرحمن بن مفيريج، وختمه وهو في الحادية عشرة من عمره. كما درس على يديه العلوم الشرعية. وكان لحضور مجالس والده وجده الإمام عبدالرحمن أكبر الأثر في تنشئته، كما أفادته ملازمته لوالده ولجده في اكتساب عادات وتقاليد البادية والتعامل معها، وأتقن الرماية والقنص والفروسية. ولما كبر وشبّ أخذ يشارك في الأعمال السياسية والحربية ؛ فشهد معركة جراب (1333هـ/1915م)، وهو في الثالثة عشرة من عمره، كما أوفده والده إلى قطر عام 1333/1915م في مهمة سياسية، كما قاد جيشاً في عام 1337هـ/1919م لتأديب المتمردين على والده من قبائل عتيبة. كما قاد الحملة الأولى على حائل عام 1339هـ/1921م، وقاد القوات السعودية في حرب اليمن في عام 1352هـ/1934م، وعهد له والده إدارة شؤون نجد أثناء مرحلة ضم الحجاز.

بويع سعود ولياً للعهد السعودي في 16 محرم 1352هـ الموافق 11 مايو 1933م، ثم تولى الحكم بعد وفاة والده الملك عبد العزيز في 2 ربيع الأول 1373هـ، الموافق 9 نوفمبر 1953م، وبايعه العلماء والمواطنون ملكاً على المملكة العربية السعودية.

سار على نهج والده السياسي في الحكم، وعمل على حماية البلاد وصيانة استقلالها، والمحافظة على مقوماتها الإسلامية، والتعاون مع الدول العربية والإسلامية. واهتم كثيراً بقضايا العالمين العربي والإسلامي؛ من ذلك أنه وقف موقفاً مسانداً لمصر عندما وقع عليها العدوان الثلاثي عام 1956، وقطع علاقات المملكة العربية السعودية مع كل من بريطانيا وفرنسا. وساند القضية الفلسطينية وقدّم الدعم والمساعدات للفلسطينيين.

وفي عهده أنشئت بعض الوزارات مثل: المعارف والزراعة، والتجارة والمواصلات، كما أنشئت الرئاسة العامة لتعليم البنات في عام 1379هـ/1959م.

اهتم الملك سعود بالشؤون الإسلامية فتوسعّ في إنشاء المعاهد الدينية، ومدارس تحفيظ القرآن، وأمر بطبع الكثير من الكتب الإسلامية، ودعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووفر أسباب الراحة للحجاج، ووسع المسجد النبويّ، وشرع في توسيع الحرم المكي، وعبَّد عدداً من الطرق، وقوَّى الجيش وزوّده بالأسلحة الحديثة. وفي عهده افتتحت أول جامعة في المملكة العربية السعودية وهي جامعة الملك سعود في الرياض عام 1377هـ، 1957م، ثم أُنشأت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1381هـ، 1961م، ومعهد الإدارة العامة للتنظيم الإداري عام 1380هـ، 1960م، ومعاهد المعلمين الثانوية عام 1381هـ، 1961م، كما أُنشئت أول كلية عسكرية وهي كلية الملك عبد العزيز الحربية بالرياض.

ظل ملكاً على البلاد حتى يوم 27 جمادى الآخرة 1384هـ، الموافق 2 نوفمبر 1964، حيث خلع عن الملك. تُوفي في عام 1388هـ، 1969م، في أثينا باليونان، ونقل جثمانه إلى مكة المكرمة، وصُلّي عليه في الحرم المكي، ودفن في مقبرة العود في الرياض.

2. فيصل بن عبد العزيز آل سعود (1384- 1395هـ) (1964-1975م):

الملك الثالث للمملكة العربية السعودية. ولد في صفر من عام 1324هـ/ مارس 1906م. ووالدته طرفة بنت عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ. توفيت أمه بعد ولادته بستة أشهر فتربى في بيت جده لأمه، نشأ نشأة دينية صالحة. وتلقى تعليمه في أصول الدين على يدّ جده الشيخ عبد الله. وكان يحضر مجلس أبيه، ويستمع بإصغاء إلى أقواله ومحادثاته ومناقشاته، وكان يستفيد كثيراً من آراء من يفد على مجلس أبيه ويستمع إلى مقترحاتهم وتصوراتهم حول كثير من المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فشارك في سن مبكرة في المعارك والأحداث التي واكبت نشوء المملكة. فقد أرسله والده على رأس القوات السعودية المتجهة إلى عسير لتهدئة الوضع هناك والعمل على استتباب الأمن وكان ذلك عام 1340هـ، 1922م. كما شارك الملك فيصل في الحرب اليمنية السعودية عام 1352هـ، 1934م.

كما تدرب على شؤون السياسة والإدارة، ففي المجال السياسي انتدبه والده في أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) لزيارة بريطانيا وفرنسا نيابة عنه عام 1337هـ/1919م، وفي 18 ذي القعدة 1345هـ/20 مايو 1927م وقع معاهدة "جدة" مع بريطانيا نيابة عن والده، التي اعترفت بريطانيا بمقتضاها بالدولة السعودية الحديثة.

وفي عام 1358هـ، 1939م ترأس الملك فيصل وفد المملكة العربية السعودية في مؤتمر (المائدة المستديرة) الذي عُقد في لندن لمناقشة القضية الفلسطينية.

وفي عام 1364هـ، 1945م ترأس وفد بلاده ومثلها في التوقيع على ميثاق هيئة الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفي مجال الإدارة والحكم تقلّد الملك فيصل عدّة مناصب قيادية في عهد أبيه الملك عبد العزيز وأثناء عهد أخيه الملك سعود، فقد عينه أبوه نائباً له على الحجاز عام 1344هـ، 1926م. ثم عينه رئيساً لمجلس الشورى عام 1345هـ، 1927م. ورئيساً لمجلس الوكلاء، كما تولى وزارة الخارجية ليكون أول وزير للخارجية السعودية عام 1349هـ، 1930م. وفي 2 ربيع الأول 1373هـ، الموافق 9 نوفمبر 1953م تولى فيصل ولاية العهد إثر انتقال والده إلى رحمة الله وتولي أخيه الملك سعود للحكم، ثم أصبح رئيساً لمجلس الوزراء، في 16 ذي الحجة 1383هـ، 29 أبريل 1964م، بعد أن تخلى أخوه الملك سعود له عن رئاسة مجلس الوزراء بناءً على نصيحة العلماء والأمراء.

وفي 27 جمادى الآخرة 1384هـ الموافق 2  نوفمبر 1964 بايعه الشعب العربي السعودي بالإجماع ملكاً شرعياً على المملكة العربية السعودية، فتركز نهجه السياسي على مجموعة من الثوابت من أهمها:

النهوض بالمملكة العربية السعودية، وحمايتها والمحافظة على استقلالها، وعلى هويتها العربية والإسلامية. وفي هذا المجال اعتنى الملك فيصل عناية فائقة بمجال الاقتصاد والمال وشؤون الصناعة والزراعة. واهتمت الدولة بالتنقيب عن البترول والمعادن في ربوع المملكة، وأنشأت لهذا الغرض المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين). كما عني الملك فيصل عناية خاصة بالتعليم والعلماء، فشجع بشكل خاص تعليم الفتاة السعودية، ووسع دائرة التعليم العام والتعليم الجامعي. كما اهتم بتطوير سبل المواصلات البرية والجوية والعناية بالاتصالات السلكية واللاسلكية. كما شمل اهتمامه الإصلاحات في الشؤون الاجتماعية، ونظام العمل والعمال.

دعم التضامن العربي والإسلامي من خلال الواجب الإسلامي المُلقَى على عاتق المملكة العربية السعودية، فقد نشط الملك فيصل في الدعوة إلى التضامن الإسلامي وإلى التعاون العربي الإسلامي من أجل خير الأمة الإسلامية ومصالحها الدولية ومستقبلها العام، لذا فقد تبنى مشروع حركة التضامن الإسلامي، وإنشاء رابطة العالم الإسلامي التي كانت لها الريادة في تنظيم عقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول في 17 ذي الحجة 1384هـ، الموافق 18 أبريل 1965م.

كما عمل الملك فيصل على دعم الدفاع عن الحقوق العربية المغتصبة، والنصرة الحقيقية لقضية العرب الأولى قضية فلسطين.

استشهد يوم الثلاثاء 13 ربيع الأول 1395هـ، الموافق 25 مارس 1975م. وخلفه في الحكم ولي عهده الملك خالد بن عبد العزيز.

3. خالد بن عبد العزيز آل سعود (1395- 1402هـ) (1975-1982م):

الملك الرابع للملكة العربية السعودية. ولد بمدينة الرياض في ربيع الأول من عام 1331هـ/ 1913م، ووالدته هي الجوهرة بنت مساعد بن جلوي آل سعود، ونشأ في كنف والده، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن في طفولته، ودرس العلوم الشرعية على يد نخبة من علماء البلاد، وقد تركت هذه التنشئة الدينية أثرها العام على أخلاقه وتصرفاته.

اشترك في بعض الحملات العسكرية، وخاصة إبان معاهدة الطائف في عهد أبيه. كما عُين مستشاراً لأخيه فيصل عندما كان نائباً على الحجاز، فقد تولى إدارة إمارة مكة المكرمة نيابة عن أخيه فيصل مدّة من الزمن، كما صحبه في رحلات كثيرة خارج البلاد. وعُين رئيساً للوفد السعودي المفاوض في شأن الخلاف بين السعودية واليمن عام 1353هـ، 1934م. وعُين مساعداً لأخيه فيصل في مؤتمر (المائدة المستديرة) الذي عقد في لندن عام 1358هـ، 1939م لبحث القضية الفلسطينية. وعُين ولياً للعهد بعد مبايعة فيصل بن عبد العزيز بالملك، وكان ذلك في 27 ذي القعدة 1384هـ، 1964م، وأصبح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء. وظل كذلك إلى أن استشهد أخيه الملك فيصل في 13 ربيع الأول 1395هـ، الموافق 25 مارس 1975، فبويع ملكاً على البلاد.

فسار على النهج السياسي للدولة. وكلل عهده بالرخاء الاقتصادي العميم، الذي أسهم كثيراً في رقي النهضة الحضارية في شتى المرافق. وقد شهدت البلاد في عهده افتتاح جامعتي الملك فيصل بالدمام وأم القرى بمكة المكرمة.

كما اهتم كثيراً بدعم المشروعات الزراعية والحيوانية. وأنشئت في عهده صوامع الغلال ومطاحن الدقيق، ووزارة الصناعة والكهرباء. واهتمت الدولة بتطوير الخدمات الصحية والعلاجية دون مقابل. كما تطور الجيش السعودي، والحرس الوطني وأسلحتهما.

عُني بدعم القضايا الإسلامية والعربية، فدعا إلى عقد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث سنة 1401هـ، 1981م بجوار البيت العتيق في مكة المكرمة، وقد صدر عن هذا اللقاء الإسلامي المميز بيان تاريخي اشتهر باسم (بيان مكة التاريخي).

ومن أبرز القضايا التي اهتم بها الملك خالد بن عبد العزيز على الساحة العربية والإسلامية قضية فلسطين، حيث عمل على دعمها سياسياً ومادياً ومعنوياً. وللملك خالد يد بيضاء في دعم المجاهدين الأفغان ومساعدتهم في المحافل السياسية الدولية والمحلية، ودعمهم بالمال والعتاد وبكل ما من شأنه نصر قضيتهم. واعترفاً بجهد الملك خالد بن عبد العزيز في مناصرة القضايا الإسلامية، منح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في عام 1401هـ، 1981م.

توفي الملك خالد سنة 1402هـ، 1982م في الرياض، فخلفه في حكم البلاد أخوه الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود.

4. فهد بن عبد العزيز آل سعود (1402-1426هـ) (1982-2005م):

الملك الخامس للملكة العربية السعودية. ولد في الرياض عام 1340هـ/ 1921م. ووالدته حصة بنت أحمد بن محمد السديري. تلقى تعليمه الأولي بمدرسة الأمراء، التي كان والده قد أنشأها داخل قصره لتعليم أبنائه في المرحلة الأولى، ثم انتقل إلى المعهد السعودي بمكة المكرمة. وقد لقي الملك فهد، كغيره من أفراد بيت الملك عبد العزيز، عناية والده الملك عبد العزيز.

اشترك الملك فهد في كثير من وفود المملكة، وترأس بعضها في مهمات رسمية للخارج. مما أكسبه ذلك خبرة وتوفيقاً في اتخاذ القرار السديد والحكيم في الشؤون الداخلية والخارجية. ومن هذه المشاركات اجتماع إنشاء هيئة الأمم المتحدة بمدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية في 1365هـ/عام 1945م. كما ترأس وفود المملكة المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية عدة مرات. وغير ذلك من مؤتمرات عربية ودولية.

كان أول وزير للمعارف، عندما استحدثت وزارة المعارف في عام 1373هـ/1953م، في عهد أخيه الملك سعود. ثم عُين وزيراً للداخلية عام 1382هـ/ 1962م، ونائباً لرئيس مجلس الوزراء عام 1387هـ/ 1967م بالإضافة إلى منصب وزير الداخلية.

وفي عام 1395هـ/ 1975م أصبح ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء إثر مبايعة أخيه خالد ملكاً على البلاد.

وفي يوم الأحد 21 شعبان 1402هـ، الموافق 13 يونيه 1982م، بايع البيت السعودي والعلماء والوزراء والأعيان وأبناء الشعب السعودي، فهد بن عبد العزيز ملكاً على البلاد، بعد وفاة أخيه الملك خالد.

ومنذ تولي الملك فهد للحكم عمل على بناء الدولة السعودية الحديثة، كما عمل على تشجيع سياسة التضامن العربي والإسلامي. ورسخ سياسة الملك فيصل تجاه قضية فلسطين وأهمية استعادة القدس. واهتم بالمشكلة اللبنانية، وبذل جهوداً كبيرة في حلّها، والإسهام في تعمير ما دمرته الحرب الأهلية في لبنان. كما عني كثيراً بدعم المجاهدين الأفغان بكل إمكانات المملكة على الصعيدين الحكومي والشعبي. كما ركّز جهوده لنصرة المسلمين المجاهدين في البوسنة والهرسك، وكوسوفا، بالدعم المالي والسياسي والمعنوي.

وتتمثل قمة إنجازاته الإسلامية في توسعة الحرمين الشريفين توسعة كبيرة، وتعمير الأراضي المحيطة بهما كي ينعم الحجاج والمعتمرون والزوار والمصلون بالراحة. ألغى لقب "صاحب الجلالة" في 27 صفر 1407هـ/27 أكتوبر 1986م، وطلب أن يطلق عليه رسمياً لقب "خادم الحرمين الشريفين".

ومن إنجازاته الإسلامية تأسيس مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي ينتج سنوياً مئات الآلاف من المصاحف وترجماتها إلى اللغات المختلفة.

وشهدت المملكة بشكل عام في عهده تطوراً كبيراً في جميع المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والعسكرية، وبرز في عهده الاهتمام الكبير بقطاع المواصلات؛ فشقت الطرق الجديدة، كما زادت خطوط الطيران الداخلية والخارجية، وازدادت عدد الطائرات العاملة على تلك الخطوط، وأنشئت عدة مطارات داخلية ودولية. بالإضافة إلى شق عدد من الأنفاق في الجبال، وإقامة الجسور الكبيرة والطويلة، وتم تطوير الموانئ القديمة وتوسعتها، وإنشاء موانئ صناعية جديدة لتصدير النفط والصناعات النفطية في المشروعات الصناعية في كل من منطقتي الجبيل وينبع الصناعيتين.

ولقد كانت المهمة الصعبة التي قادها خادم الحرمين الشريفين بنجاح، من موقعه مليكاً للبلاد، هي استمرار خطط التنمية بدون توقف، وتصحيح مسار الاقتصاد الوطني ليعتمد على نفسه في نموه، بدلا من الاعتماد الكلي على موارد البترول، الذي بدأت أسعاره في الانخفاض، نتيجة لعوامل سياسية واقتصادية عديدة. واستطاع بتوفيق من الله أن يحقق الاستقرار المنشود للاقتصاد الوطني. ودخلت المملكة العربية السعودية السوق العالمية منتجاً لكثير من مشتقات المواد الهايدرو كربونية.

واستن طريقة غير مسبوقة، بالاجتماع إلى أبناء شعبه من طلاب الجامعات، وغيرهم من فئات الشعب، والتحدث إليهم في حوار مفتوح وصريح حول مختلف الأمور. ومن منجزاته صدور ثلاثة أنظمة مهمة في 27 شعبان 1412هـ/ 1 مارس 1992م أولها نظام الحكم في المملكة، والثاني نظام الشورى، والثالث نظام المقاطعات. كما جرى في عهده تفعيل دور مجلس الشورى والتوسع في اختيار أعضائه، وإعطائه المجال لدراسة الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تمس كل جوانب البلاد.

أصيب الملك فهد بجلطة عام 1995، ولكنه ظلّ يُصرِّف أعباء الحكم. ثم تدهورت صحته، فأدخل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض في 9 ربيع الآخر عام 1426، الموافق 27 مايو 2005، وظل ملازماً للمستشفى حتى توفي يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة سنة 1426، الموافق الأول من أغسطس 2005. فخلفه في حكم البلاد أخيه وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أصبح ملكاً للبلاد.

5. عبدالله بن عبد العزيز آل سعود (1426هـ - ....) (2005م - ....):

الملك السادس للمملكة العربية السعودية منذ 26 جمادى الآخرة 1426، الموافق الأول من أغسطس 2005.

ولد في مدينة الرياض عام 1343هـ / 1924م، ونشأ في كنف والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس الدولة السعودية الثالثة، وقد رباه تربية صالحة، متمسكاً بدين الله. وأثر فيه والده تأثيراً كبيراً، فنشأ محباً لوطنه شاعراً بالمسئولية تجاه وطنه ومواطنيه. وأفاد من مدرسة والده وتجاربه في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة.

تلقى تعليمه على يد عدد من كبار المعلمين والعلماء، وكان تعليمه على الطريقة الإسلامية التقليدية، وهي طريقة الكُتَّاب، ودروس العلماء، وحلقات المساجد، وغيرها من وسائل الدرس والتعليم. وتأثر بشخصية معلميه من العلماء والمفكرين والمشايخ، الذين عملوا على تنمية استعداده بالتوجيه والتعليم. وله مطالعات واسعة في مجالات متعددة من المعرفة والثقافة وعلوم الحضارة، مما أكسبه معرفة وإلماماً في كثير من الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية. وكثيراً ما يلتقي العلماء والخبراء ويتبادل معهم الآراء والمشورة. كما يلتقي المواطنين السعوديين من جميع الفئات في كل مناسبة للتعرف على أحوالهم واحتياجاتهم ومشاكلهم.

ولقد رافق منذ أن وعى على الدنيا، تطورات الأحداث التي مرت بها المملكة وتفاعلها مع محيطها الإسلامي والعربي، مما كون له حصيلة واسعة من المعرفة.

في عام 1384هـ، 1964م، اختاره الملك فيصل بن عبدالعزيز رئيساً للحرس الوطني. وكان الحرس الوطني يضم في مطلع تكوينه أبناء الرجال المجاهدين الذين عملوا مع الملك عبدالعزيز آل سعود وأسهموا بجهودهم في بناء المملكة العربية السعودية، خاصة في مجال توحيد البلاد. وكذلك يضم الحرس الوطني أبناء البوادي الذين توارثوا الروح العسكرية أبا عن جد، بحكم طبيعة حياتهم التي تضرب جذورها في أعماق تاريخ شبه الجزيرة العربية. فكان هذا التعيين منسجماً مع خبرته الواسعة بشئون البوادي والقبائل، ومع طبيعته كفارس تعلق منذ الصغر بكل مورثات الحياة الأصيلة في شبه الجزيرة العربية. كما كان اختياره لتحمل مسؤولية هذه المؤسسة العسكرية الحضارية نقطة تحول كبيرة وبارزة، ففي خلال سنوات قلائل استطاع أن يُعَبّر عن مواهبه القيادية الطبيعية.

وأثبت كفاءة ملحوظة في تطوير الحرس الوطني بحيث يكون مؤسسة عسكرية، ثقافية، اجتماعية، في آن واحد. فأعاد تشكيله وفق الأساليب العسكرية العصرية، وأنشأ المدارس العسكرية والفنية، لتأهيل منسوبي الحرس في مختلف التخصصات، كما أنشأ المدارس العسكرية التي كانت مهمتها تخريج الضباط، وقد تحولت هذه المدرسة إلى كلية الملك خالد العسكرية. وأنشأ مدن عسكرية ومجمعات سكنية لمنسوبي الحرس الوطني، وأُنشأ المستشفيات الخاصة بمنسوبي الحرس الوطني، وطور مرافق الخدمات الطبية بالمستشفيات الميدانية. فكان وما يزال القائد القريب إلى رجاله، يطمئن عليهم ويتابع شؤونهم في التدريب والحياة الكريمة، حتى يستطيعوا أن يتفرغوا لواجبهم الوطني.

في عام 1395هـ،  1975م أصدر الملك خالد بن عبدالعزيز، الأمر الملكي السامي بتعيين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى منصبه رئيساً للحرس الوطني.

وفي يوم الأحد 21 شعبان 1402هـ الموافق 13 يونيه 1982م، بايع الشعب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ملكاً على المملكة العربية السعودية، والأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولياً للعهد.

وفي نفس اليوم صدر أمر ملكي بتعيين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني بالإضافة إلى ولاية العهد.

وللملك عبدالله بن عبدالعزيز جهوده في السياسة الداخلية والخارجية على السواء، وتربطه بزعماء كثير من البلاد العربية صداقات متينة، فقام بدور الوساطة بين بعض البلاد العربية.

وقد حرصت سياسة المملكة العربية السعودية على دعم التضامن العربي والإسلامي، وتعميق الروابط الأخوية القائمة بين الدول العربية في إطار الجامعة العربية، ومؤتمرات القمة العربية، وتقوية روابط التضامن الإسلامي بين دول العالم الإسلامي وشعوبها في إطار المؤتمرات الإسلامية. ومن أجل هذا زار الملك عبدالله البلاد العربية والإسلامية، وحضر بعض المؤتمرات.

كما أن للمملكة العربية السعودية وزن كبير في المجتمع الدولي، ومكانتها في هيئة الأمم المتحدة، ودول عدم الانحياز. كما أن لها دور فعال في مجالات المال والاقتصاد العالمي، ولها تأثيرها الفعال في إطار منظمة الأوبك، والحوار القائم بين الشمال والجنوب. ولهذا زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز كثيراً من دول العالم. وقام بمسؤولياته من موقع منصبه.

وللملك عبدالله بن عبدالعزيز أياد بيضاء في أعمال الخير والأغراض الإنسانية، ومساعدة العلم والعلماء، وقد تمثل ذلك في إنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز في المملكة المغربية، وفي إنشاء مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض.

 



[1] أورد فيلبي أن تاريخ ميلاده 1266هـ/1850م، بينما ذكر عبدالرحمن آل الشيخ في تعليقه على "عنوان المجد" أنه 1264هـ/1848م.

[2] ذكر ابن هذلول أن تاريخ حادثة سجن الإمام عبدالله في عام 1302هـ/1885م والصواب ما ثبت في المتن.