إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الأولى (1157 ـ 1233هـ) (1744 ـ 1818م)






مناطق ضرما والوشم والسر
منطقة الوشم
منطقة الأفلاج والدواسر والسليل
منطقة الحوطة
منطقة الخرج
منطقتا سدير و(الغاط والزلفي)
وادي حنيفة وروافده
الرياض وفروع وادي حنيفة
الشعيب والمحمل
حملة إبراهيم باشا
عالية نجد



ملحق

ملحق

وثيقة محضر التحقيق مع الإمام عبدالله بن سعود

هذا تقرير يشتمل على الإفادات المأخوذة من عبدالله بن سعود ورفيقيه الشخصين المعروف أحدهما كاتبه واسمه عبدالعزيز والآخر خازنه واسمه عبدالله السري الموجودين جميعاً في سجن بوستانجي باشي آغا.

لقد بوشر قبل كل شيء بإخراج المذكور (عبدالله بن سعود) منفرداً وبوضعه في غرفة أخرى، ووُجِّه إليه الحديث الآتي: "إننا سنسألك عن بعض الأشياء، فإذا كنت ستجيب على أسئلتنا على صورة صحيحة وموجبة للاعتماد وتُظهر هكذا صدقك وإخلاصك فإنك ستنجو بلا شك من هذه العقوبة،وستكون موضع الالتفات الكريم، أما إذا كنت ستتذرَّع بالإنكار وتقع فريسة الادعاءات الباطلة، تصبح حينئذ معرضاً لمواجهة عاقبة وخيمة. وسؤالنا هو:

"حين استولى والدك سعود فيما سبق على المدينة المنورة كنت أنت بالذات  معه ومرافقاً له، كما هو معلوم لدى العموم، وفي ذلك الحين دخلتم الروضة المطهرة وسلبتم وانتزعتم منها ومن الخزانة الشريفة أشياء وأغراضاً وأموالاً كثيرة و (تبرّكات) ذات قيمة، وإن ما هو موجود في الصندوق، الذي أُحضر معك هذه المرة من الأشياء المباركة هو جزء تافه قليل مما سُلب وأُخذ. فأين بقية تلك الكميات الوفيرة من التبركات والأشياء النفيسة؟ وبما أن هذه الأشياء مما لا يمكن أن يُدَّعى تلفه فهي والحالة هذه لا بد أن تكون موجودة في محل ما بلا شك، وبناء عليه فإننا نرغب أن تفيدنا عن محل وجود الأشياء الباقية وبأيدي من هي حالياً؟ ولكي يتيسر لك الخلاص ويمتد أمامك طريق السلامة عليك أن تقول الحقيقة وتفيدنا على وجه الصحة عما سألنا عنه".

ولما انتهينا من سؤالنا أجاب بقوله:

"إنه وإن كان في ذلك الوقت وفي الواقع بصحبة والده سعود لما دخل المدينة المنورة ولكنه، على ما يزعم، لم يدخل معه الحجرة الشريفة لأنه لم يكن راضياً قطعاً عن ذلك وعن سلب تلك الأشياء المباركة ولم يتدخل قطعياً بهذا الأمر ولم يأخذ أي شيء منها قلَّ أو كثر، حتى إنه لم يشاهد الأشياء التي أُخذت، لأن والده سعود هو الذي دخل وحده إلى الحجرة المباركة ومعه من أعوانه وخواص أتباعه المدعوون عبدالله بن مطلق وغصَّاب وحبَّاب وأحمد الحنبلي، وإبراهيم بن سعيد وشخص يدعى جبر كان يشغل وظيفة رئيس كتاب (أمين ديوان) سعود، فإذا كان هنالك أشياء أُخذت وأغراض سُلبت فيكون هؤلاء هم الذين أخذوها. وقد توفي من هؤلاء المدعو إبراهيم بن سعيد وباقي الأشخاص موجودون الآن في الدرعية عند والي جدة إبراهيم باشا، وإن رأس الكتاب المدعو جبر المذكور يعرف أكثر من غيره هذه الأمور لأنه كان وحده مطَّلعاً على خصائص وشؤون والده سعود".

ولما انتهى من إجابته هذه قلنا له "إنه لمناسبة كونه أكبر أولاد سعود،وهو المؤتمن الموثوق به قبله أكثر من الغير ولأنه كان في ذلك الوقت مدير شؤونه، فإن قوله إنه لا يعرف، وإنكاره حقيقة ما وقع، وإسناده الأمور إلى أجانب مثل فلان وفلان، واللجوء إلى تبرئة ذمته على هذه الصورة، هو جواب لا يمكن أن يكون مقبولاً، وأنه في أية حال، يجب أن يكون لديه العلم الكافي بما جرى بالأشياء الثمينة المذكورة المأخوذة". وكررنا عليه العبارات المؤثرة، ولكنه كرَّر ما قال، وحلف الأيمان المغلظة، منكراً تدخله فيما نسب إليه، وما سُئل عنه. وأضاف أنه لم يشاهد الأشياء التي أُخرجت من الحجرة الشريفة وأُخذت، ولا هو يدري ما هي أشكالها، وأنواعها، وأن حقيقة الحال والواقع لا يمكن أن يعرفها اليوم سوى الموجودين في الدرعية. وقال إنه منذ وقوع هذه الحوادث نفر من أبيه غاضباً واعتزله وعاش لوحده وبقي بعيداً عنه ولم يذهب إلى جهته حتى وفاته. هذا ما جاء بإفادته.

ثم أُحضر رفيقه المدعو عبدالله السري منفرداً وهو الذي، حسب زعمه، كان خادمه وحافظ أمتعته وثيابه، وبوشر كذلك باستجوابه بعد المقدمات المؤثرة، فأفاد أنه عبارة عن خادم، وأنه بهذه الصفة لا يمكنه أن يطلع على هذه الأمور ولا أن يعلم شيئاً عن الأموال والأشياء المبحوث عنها. وعاد هو أيضاً فذكر أسماء الأشخاص الذين مر ذكرهم والموجودين في الدرعية، وقال إن هؤلاء هم الذين يعرفون وحدهم ما جرى، وحقيقة كل هذه المسائل؛ ولكنه أضاف، أنه لما كان عبدالله بن سعود على وشك الحضور إلى هنا، وبينما كان في مجلس والي جدة إبراهيم باشا بالدرعية، شاهد هذا الصندوق حين أتت به شقيقة عبدالرحمن بن سعود، الموجود الآن في الدرعية، وسلمته إلى عبدالله، لكي يأخذه معه لافتراض أن الدولة العلية ستسأل عنه، وأن هذا بدوره سلَّمه، إلى المشار إليه (يقصد إبراهيم باشا)، وأن هذا كل ما يعرفه، وقد أصرَّ على ذلك دون إضافة شيء، رغم التأكيد عليه، وكرر إجابته.

وبناء على ما سُمع بالتواتر ولدى الاستمرار باستجواب عبدالله مرة أُخرى فُهم أن بعض الأشياء ذات القيمة الكبيرة التي كانت موجودة بالصندوق الذي أخذه أبوه سعود من الحجرة الشريفة قد بيعت إلى الشريف غالب المتوفى بمعرفة نسيبه محمد عطاس، وأن الشريف المتوفى أرسلها أيضاً من قبله إلى الهند لكي تباع في تلك الجهات، وأن ما بقي من المواد والأشياء وزَّعه والده على هذا وذاك وأتلفه. وقد أودع هذا الصندوق أثناء وجوده على قيد الحياة (أي سعود) وسلمه إلى شقيقته (موضي)، وذلك بعد أن سجل مفردات الأشياء الباقية وعددها وأنواعها بدفتر مختوم وضعه داخل الصندوق. وبعد أن توفي والده وعاد (أي عبدالله) إلى الدرعية أتت شقيقته بالصندوق وسلمته له كما هو ولم يصل إلى يده أي شيء آخر عدا ما ذكر، وأنه لما كان على وشك الحضور إلى استانبول أحضر الصندوق بدوره وسلمه إلى إبراهيم باشا والي جدة الموجود بالدرعية. وقد تبين أن هذه الأمور جميعها منطبقة على ما جاء بإفادته ومن فحوى التحقيقات الدقيقة التي كان أجراها إبراهيم باشا المشار إليه أيضاً. على أن عبدالله بعد أن تبين هذه الأمور وُجِّه إليه سؤال آخر وهو: أن ما أفاده بأنه لم يكن بيد والده سوى هذه الأشياء وأن ما عداها قد وُزع وأُتلف، غير وارد أو صحيح وأنه من الملحوظ أن يكون عدد من هذه الأشياء التي لم تتلف ولم تبع لا يزال موجوداً وقلنا له: إنه من البديهي أن تكون كافة تلك الأشياء قد انتقلت إليكم بعد وفاة الوالد إذ لا يعقل أن يتدخل الغير بذلك، كما أن هنالك الكثير من الأشياء والموجودات الفنية والأغراض المباركة ذات القيمة، أُخذت من مشهد حضرة الإمام الحسين ومن أماكن أُخرى غير الحجرة الشريفة، ولذا وجب إعطاء المعلومات أيضاً عن نوع هذه الأشياء وعن عددها وعن محل وجودها.

وقد كان يُستعمل معه اللين أحياناً والشدة والتخويف تارة أخرى حسب الاقتضاء  لأخذ جواب شاف ولكنه كان دائماً يعود فيحلف الإيمان المغلظة مصراً على ما قاله سابقاً ومؤكداً بأنه وإن يكن صحب والده إلى المدينة المنورة إلا أنه لم يتدخل قط بقضية أخذ أشياء أو أموال من الحجرة المباركة ولم يرَ شيئاً، وأن الحقيقة هي هذه لا غير، وأفاد بأنه لم يكن مع والده حين ذهب إلى مشهد حضرة الإمام الحسين ولا علم له بذلك، وأنه إذا كان جرى شيء فإن والده هو الذي قام به وإذا كان أخذ شيء فإن والده هو الذي أخذه وأتلفه وأضاعه، وأن الأشخاص الذين ذكرهم بإفادته آنفاً والذين كانوا بصحبته يعرفون ما جرى حين الذهاب إلى المشهد وأنه بالذات ليس له دخل في كل هذه الأمور وهذا ما يعرفه الجميع، فإذا أجرت الدولة العلية تحقيقاً بهذه الأمور يتضح ذلك وتبرأ ذمته. هذا ما أجاب به على الفور ولم يزد.

وبعد ذلك أعيد عبدالله إلى الغرفة الأخرى واُحضر أحد رفيقيه في السجن المدعو عبدالعزيز، وهو الذي يقال إنه كان كاتبه الثاني، منفرداً، وبعد سرد المقدمات المناسبة بوشر باستجوابه، وبعد أن أفصح عن اسمه وهويته قال: "أنا كنت في خدمة عبدالله، كاتبه الثاني، ولما تقرَّر الحضور إلى استانبول لدى خروجه من الدرعية استصحب معه اثني عشر نفراً ليقوموا على خدمة، لدى الوصول إلى مصر، لم يقبل والي مصر أن يستصحب معه هذا العدد من الأشخاص لأنه استكثره وسمح بشخصين فقط وكلَّف عبدالله بأن ينتخبهما فرغب عبدالله بأن يستصحبني ورفيقي الموجود معي حالياً، وبما أننا لم نكن نعرف أننا سنكون معرضين لهذه الحالة قبلنا باختيارنا ورضانا أن نصحبه وأتينا".

أضاف قائلاً: "إنني لم أكن موجوداً حين الاستيلاء على المدينة المنورة ولا حين جرت وقعة مشهد حضرة الإمام الحسين، ولذلك فإنه لا علم لي قطعاً بالأشياء المأخوذة، وعبدالله لم يكن راضياً عن اقتحام أبيه الحجرة الشريفة والتصدي لها، لذلك ومنذ ذلك الوقت افترق عن معيته ولم يذهب إليه طيلة مدة حياته حتى وفاته، وأن سعوداً لم يُظهر أحداً على ما أخذه من أموال إلى أولاده وأقاربه. اطلع من كان بمعيته فقط وهم المدعوون عبدالله بن مطلق وحباب وغصاب الذين كانوا معه حين أخذ الأشياء والأموال المذكورة وأن هؤلاء في الدرعية موجودون عند إبراهيم باشا. وقد سمعت أن سعوداً حين أخذ تلك الأموال والأشياء وزع قسماً جزئياً منها على عساكره وباع الباقي إلى الشريف غالب المتوفى. وتصرَّف الشريف غالب بقسم منها وباعه في الحرمين الشريفين إلى هذا وذاك وبعث بما بقي إلى الهند فبيع هناك ولم يصل ليد عبدالله سوى هذا الصندوق الذي سلمه".